أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثالثة بعد المائــــــــــــتين في موضــــوع القوي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة بعد المائتين  في موضوع (القوي ) وهي بعنوان :القوة الإيمانية وثمارها :

>المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير< القوة تعني : العزة والشدة والمنعة في النفس والبدن والعلم والمال والرأي والحجة والبرهان… وعلى صعيد الأمة : القوة العسكرية والإقتصادية والسياسية… والقوة في الخدمات الإجتماعية : تعليم وصحة وتشغيل… فما أحوج الأمة الإسلامية إلى قوة تحمي ظهرها، وتشد أزرها، وتأخذ بيدها إلى النجاة، وتقهر أمامها الصعاب وتدفع عنها كيد الكائدين والقوة للمؤمن وسيلة والإصلاح غاية وهدف.. فهي وسيلة لإصلاح ورعاية وتعهد قطيع من الغنم >إن خير من استأجرت القوي الأمين< القصص : 26] قبل أن تكون أداة ووسيلة لإصلاح أمة. >وقال لهم نبيئهم أن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يوت سعة من المال. قال : إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يوتي ملكه من يشاء والله واسع عليم< البقرة : 245].

وقوة الإيمان هي التي تصرف الإنسان عن المعاصي، فيهون عليه كيد الخلق أمام عقاب الخالق >قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه< يوسف :33]

- والقوة بالنسبة للأمة الإسلامية وسيلة وتحقيق الخلافة لله في الأرض غاية. ففي المجال العسكري نجد أن الله تعالى فرض على الأمة إيجاد وإعداد قوة لاتقهر ولاتغلب لإرهاب العدو لا لإستعباده واستغلاله >واعدوا لهم من قوة ومن رباط الخيل< الأنفال : 61] بل ذهب إلى أبعد من ذلك فأوجب أن تكون قوة المؤمن على الضعف من قوة الكافر وأن المؤمنين إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم يسوغ لهم الفرار منهم. >يا أيها النبيء حرض المومنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن تكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابين< الأنفال  : 66. 67]

- والقوة الإقتصادية هي الركن الحصين والأساس المتين في تحقيق قوة عسكرية. وإذا كان في القصص القرآني عظة وعبرة لمن اعتبر فإن في قصة يوسف عليه السلام مايوحي بوجوب التخطيط للمستقبل انطلاقا من المعطيات والإحصائيات الآنية لاستشراف المستقبل : فقد اقترح على الأمة الحل للأزمة المتوقعة في السنوات العجاف ما نص عليه القرآن بقوله تعالى : > قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تاكلون< يوسف : 47] إنها سياسة التقشف التي يدعو إليها الإقتصاديون المعاصرون عند الجفاف والحرب والكوارث. وياليتها طالت الأغنياء كما تطال الفقراء -دائما- وبدون حرب ولاجفاف ولاكوارث. وتكون أدهى وأمر على هؤلاء عند حدوثها.

لماذا كانت القوة مطلبا ووسلية شرعية؟

1- لتحقيق العزة ورفع الذلة والمسكنة عن الأمة الإسلامية :>ولله العزة ولرسوله وللمومنين< المنافقون

2- لمنع الظلم وإشاعة الرحمة والتراحم : >محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم< الفتح : 29]

3- لتحقيق خيرية الأمة : > كنتم خير أمة أخرجت للناس< آل عمران : 110] ومع تحقيق الخيرية تحقيق أهلية الإشهاد والشهادة على الناس : >وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس< البقرة : 143]

4- ولتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى. وبالتالي لتكون السيادة لشرع الله وحده على وجه الأرض : >فلا وربك لايومنون حتى يُحَكِّموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً<. النساء : 65] إذا تحقق هذا كان الفرد المؤمن عزيزاً كريما كبير النفس كبير الآمال لايحني رأسه لمخلوق ولايخضع لطغيان أو جبروت مهما كان وهذا هو المؤمن القوي.

- تجلى هذا في بلال بن رباح فصار بالإيمان ينظر إلى السماء عاليا في تيه واعجاب وكبرياء على أمية بن خلف والحكم بن هشام والوليد بن المغيرة… فكان ينظر إليهم نظرالبصير إلى الأعمى.

- وحاصر خالد (الحيرة) فطلب من أبي بكر مدداً فما أمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمر التيمي وقال : لايُهزم جيش فيه مثله، وكان يقول : لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف مقاتل!

- وكان عبد الله بن مسعود نحيفا نحيلا، فانكشفت ساقاه يوما -وهما دقيقتان هزيلتان-فضحك بعض

الصحابة : فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : أتضحكون من دقة ساقيه؟! والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من

جبل أحد  [ يوسف القرضاوي، من أجل صحوة راشدة ص : 151]

إن الإيمان بالله هو الذي يمدنا بروح القوة، فالمؤمن الحق قوي وإن لم يكن له سلاح، غني وإن لم يكنز ذهبا ولا فضة، عزيز منيع وإن لم يكن له عصبة ولا اتباع، راسخ ثابت وإن اضطربت سفينة الحياة. فما أسعد المجتمع بالأقوياء الراسخين من أبنائه! وما أشقاه بالضعفاء الهازلين الذين لا يخيفون عدوا، ولا تقوم بهم نهضة، ولا ترتفع بهم راية، وقد كشف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أسباب ضعف الأمة مع كثرة عددها واتساع رقعتها فقال : >يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا : أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال : لا؛بل أنتم كثير ولكن غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من قلوب أعدائكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل : وما الوهن يا رسول الله؟ قال : حب الدنيا وكراهة الموت .

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.