أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثامنة والثلاثون بعد المائة في موضــــوع القوي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة والثلاثون بعد
المائة في موضوع (القوي ) وهي بعنوان :
* وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ :
قال الفخر الرازي عند تفسيره للآية، والمراد بالقوة هنا ما يكون سببا لحصول القوة، وذكروا فيه وجوها : الأول: المراد من القوة أنواع الأسلحة.
الثاني: روى أنه صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر وقال: «ألا إن القوة الرمي» قالها ثلاثا.
الثالث: قال بعضهم: القوة هي الحصون.
الرابع: قال أصحاب المعاني: الأولى أن يقال: هذا عام في كل ما يتقوى به على حرب العدو، وكل ما هو آلة للغزو والجهاد فهو من جملة القوة، وقوله صلى الله عليه وسلم: «القوة هي الرمي» لا ينفى كون غير الرمي معتبرا. كما أن قوله صلى الله عليه وسلم «الحج عرفة» «والندم توبة» لا ينفى اعتبار غيره. بل يدل على أن هذا المذكور جزء شريف من المقصود فكذا هنا.
وهذه الآية تدل على أن الاستعداد للجهاد بالنبل، والسلاح، وتعليم الفروسية، والرمي فريضة إلا أنه من فروض الكفايات .
إن رباط الخيل للجهاد في سبيل الله فضله عظيم، وثوابه كبير، فقد كانت الخيل هي خير ما عرف العرب من وسائل الانتقال في الحرب وأسرعها، وما زالت الخيل لها قيمتها في بعض أنواع الحروب.
قال القرطبي : قيل له: إن الخيل لما كانت أصل الحرب وأوزارها التي عقد الخير في نواصيها، وهي أقوى القوة، وأشد العدة، وحصون الفرسان، وبها يجال في الميدان، لما كانت كذلك خصها بالذكر تشريفا، وأقسم بغبارها تكريما، فقال: «والعاديات ضبحا».
وقال الإمام ابن العربي: وأما رباط الخيل فهو فضل عظيم ومنزلة شريفة.
روى الأئمة عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الخيل ثلاثة، لرجل ستر، ولرجل أجر، وعلى رجل وزر. فأما الذي هي عليه وزر فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء لأهل الإسلام- أى: مناوأة ومعاداة- فهي عليه وزر.
وأما الذي هي عليه ستر فرجل ربطها تغنيا وتعففا، ولم ينس حق الله في ظهورها فهي عليه ستر.
وأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مرج أو روضة، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب الله له عدد ما أكلت حسنات..» .
وروى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوى ناصية فرس بإصبعيه وهو يقول: «الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة».
4- أن المقصود من إعداد العدة في الإسلام إنما هو إرهاب الأعداء حتى لا يفكروا في الاعتداء على المسلمين، وحتى يعيش أتباع هذا الدين آمنين مطمئنين في ديارهم، وحتى يستطيعوا أن يبلغوا رسالة الله إلى خلقه من الناس دون أن يخشوا أحدا سواه- عز وجل..
وليس المقصود بإعداد العدة إرهاب المسالمين، أو العدوان على الآمنين، أو القهر والإذلال للناس واستغلالهم فيما يغضب الله- تعالى-..
ولذلك وجدنا الآية صريحة في بيان المقصود من هذا الإعداد، وهو- كما عبرت عنه تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ
اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ....
وهناك آيات أخرى صريحة في بيان سبب مشروعية القتال في الإسلام ومن ذلك قوله- تعالى-: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ .
وقوله- تعالى-: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ، فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ والخلاصة: أن من تتبع آيات القرآن الواردة في القتال يجدها جميعها تقرر أن سبب القتال في الإسلام ينحصر في رد العدوان، وحماية الدعوة الإسلامية من التطاول عليها وتثبيت حرية العقيدة، وتطهير الأرض من الظلم والطغيان.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.