أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الخامسة عشرة بعد المائة في موضــــوع القوي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة عشرة بعد المائة في موضوع (القوي ) وهي بعنوان :ثالثًا: الاجتهاد في الأعمال الصالحة:
قال ابن القيم: «فإن اللسان لا يسكت البتة، فإما لسان ذاكر، وإما لسان لاغ، ولا بد من أحدهما، فها هي النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، وكذلك القلب، إن لم تسكنه محبة الله عز وجل، سكنته محبة المخلوقين ولا بد، وهذا اللسان، إن لم تشغله بالذكر، شغلك باللغو، وهي عليك ولا بد، فاختر لنفسك إحدى الخطتين، وأنزلها في إحدى المنزلتين».
فالإيمان يزيد من حيث القول فإن من ذكر الله عشر مرات ليس كمن ذكر الله مائة مرة، فالثاني أزيد بكثير.
ثم إن من أعظم العبادات القولية التي تزيد في الإيمان الدعاء والدعوة إلى الله، ولأهمية هذين الأمرين ولعظم نفعهما في زيادة الإيمان لزم الحديث عنهما:
- أما الدعاء فهو من أقوى الأسباب لتقوية الإيمان لأنه في حقيقته هو العبادة كما قال ﷺ: «الدعاء هو العبادة»[سنن الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة البقرة.]
فالعبد عندما يتوجه إلى ربه بالدعاء فإن ذلك يدل على ما في القلب من الثقة بالله وحسن الظن به وفيه أيضًا تظهر عبودية الافتقار إلى الله والذل
والخضوع له وكلما حقق ذلك أكثر كان إلى الله أقرب. قال ﷺ: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء»[ مسلم: كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود] وكذلك بالدعاء يتوجه العبد إلى ربه بطلب التوفيق إلى أسباب زيادة الإيمان وتقوية اليقين لأن الله سبحانه هو مسبب الأسباب وميسر الأمور، وقد قال الرسول ﷺ: «إن الإيمان ليخْلَقُ في جوف أحدكم كما يخْلَقُ الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم».
وتقدم معنا أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يقول في دعائه: «اللهم زدني إيمانًا ويقينًا وفقهًا».
- أما الدعوة إلى الله تعالى وإلى دينه ففيها يكمّل العبد نفسه وإيمانه ويكمَّل غيره.
كما أقسم الله تعالى بالعصر أن جنس الإنسان لفي خسر إلا من اتصف بصفات أربع: الإيمان والعمل الصالح اللذين بهما تكمل النفس، والتواصي بالحق الذي هو العلم النافع، وبالصبر على ذلك كله، وبهما تكمل الهداية للنفس وللغير.
والدعوة إلى الله من أكبر مقويات الإيمان لأن صاحبها يسعى إلى نصرة هذه الدعوة ويقيم الأدلة
والبراهين لتحقيقها، فالجزاء من جنس العمل، فكما سعى إلى تكميل العباد ونصحهم وتوصيتهم فإن الله
يجازيه بتأييده بنور منه وقوة إيمان.
وكما تصدى لنصرة الحق فإن الله يفتح عليه الفتوحات العلمية والإيمانية بمقدار صدقه وإخلاصه.
قال تعالى: }إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ{ [محمد: 7]، وقال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ{ [يونس: 9].
كما ينبغي للآمر الناهي الداعي إلى الله أن يلتزم الصدق والإخلاص وأن يلتزم في دعوته بالحكمة والرفق، والصبر على المدعوين والعلم بما يدعوهم إليه، فإن تحققت فيه هذه الأوصاف أثمرت دعوته ونفعت بإذن الله، وكانت سببًا لقوة إيمانه، وقوة إيمان المدعوين.
ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.