أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الرابعة عشرة بعد المائة في موضــــوع القوي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة عشرة بعد المائة في

موضوع (القوي ) وهي بعنوان :ثالثًا: الاجتهاد في الأعمال الصالحة:

فمن أهم أسباب زيادة الإيمان وأظهرها القيام بالأعمال الصالحة الخالصة لوجه الله تعالى، والإكثار منها والمداومة عليها، فإن كل عمل يقوم به المسلم مما شرعه الله ويخلص نيته فيه يزيد في إيمانه، لأن الإيمان يزيد بزيادة الطاعات وكثرة العبادات.

والأعمال الصالحة تنقسم من حيث متعلقها إلى ثلاثة أقسام:

1- أعمال قلبية.2- أعمال قولية.3- أعمال فعلية. .

1- أما أعمال القلب فمنها:

الإخلاص، والمحبة، والتوكل، والإنابة، والرجاء، والخوف، والرضا والصبر وغيرها من أعمال القلب،

وهي في الحقيقة أصل الدين ورأس أمره؛ لأن الأعمال الظاهرة لا تُقبل إن خلت من الأعمال القلبية، ولا عبرة بصلاح الظاهر مع فساد الباطن.

فمثلاً الأعمال كلها يشترط في قبولها الإخلاص لله عز وجل والإخلاص عمل قلبي ، لذا لزم على كل مسلم أن يبدأ بالاعتناء بإصلاح قلبه وتحقيق تلك الأعمال فيه.

ففي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «...ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».

فإذا كان القلب سليمًا ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يسخط الله، صلحت تبعًا لذلك حركات جوارحه، وانقادت لذلك الخير الذي في قلبه، بخلاف ما إذا كان القلب قد استولى عليه حب الهوى واتباع الشهوات وتقديم حظوظ النفس، فإن من كان كذلك فسدت حركات جوارحه تبعًا لما في قلبه.

والمقصود أن أعظم باعث للإيمان ، وأنفع مقوياته ، وأهم أسباب زيادته ونمائه هو إصلاح القلب بحب الله وحب رسوله وحب ما يحبه الله ورسوله ﷺ ، وتطهيره مما يخالف ذلك ويناقضه.

وجماع ذلك وتحقيقه بإشغال القلب بالفكر بما فيه صلاحه وفلاحه، فيشغله بمعرفة ما يلزمه من توحيد الله وتعظيمه وحقوقه عز وجل، وتذكر الموت وما بعده إلى دخول الجنة أو النار، والتعرف على آفات القلوب وأعمالها المفسدة والتحرز منها، كالشرك بأنواعه والشك وتعظيم الخلق والحسد والرياء، والعمل على طرح الإرادات التي تضره، والعزم على الإرادات التي تنفعه، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان»[ سنن الترمذي: كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان]. ومعنى هذا أن كل حركات القلب إذا كانت كلها لله فقد كمل إيمان صاحبه.

لذلك كان أكمل المؤمنين إيمانا هم أهل المحبة الذين انعقدت قلوبهم على محبة الله عز وجل ، ومحبة ما يحبه ، وبغض ما يبغضه، وكذلك أهل التوكل الذين بلغوا أعلى قمة الإيمان بذلك العمل القلبي ، فأدخلهم بعد رحمة الله الجنة بغير حساب كما في قول النبي ﷺ في صفتهم: وعلى ربهم يتوكلون [البخاري: كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو.]

2- أعمال اللسان: كذكر الله عز وجل وحمده والثناء عليه وقراءة كتابه والصلاة والسلام على رسوله ﷺ والاستغفار والدعاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله ... وغير ذلك من الأعمال التي تكون باللسان، فلا شك أن القيام بها والمداومة عليها والإكثار منها من أعظم أسباب زيادة الإيمان.                                                                                                                                                   قال الشيخ السعدي – رحمه الله -: «ومن أسباب دواعي الإيمان الإكثار من ذكر الله كل وقت، فإن ذكر الله يغرس شجرة الإيمان في القلب، ويغذيها وينميها، وكلما ازداد العبد ذكرًا لله قوي إيمانه، كما أن الإيمان يدعو إلى كثرة الذكر، فمن أحب الله أكثر من ذكره، ومحبة الله هي الإيمان بل هي روحه».

وقد ورد في الكتاب والسنة نصوص كثيرة في الأمر بالذكر والحث على الإكثار منه بما يبين أهميته قال

تعالى: }وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{ [الجمعة: 10]، وقال تعالى: }أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ{ [الرعد: 28].

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأرضاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم»؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «ذكر الله»[ سنن ابن ماجة: كتاب الأدب، باب فضل الذكر.] وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ...» وغيرها من النصوص الدالة على فضل الذكر وأهميته، وفضل الاشتغال به.

فإن أعرض الإنسان عن ذلك ولم يشغل لسانه بذكر الله عز وجل، اشتغل لسانه بغير ذلك من

اللغو والخوض الباطل والغيبة والفحش، لأن العبد لا بد له أن يتكلم، فإن لم يتكلم بذكر الله تعالى وذكر أوامره تكلم بهذه الأمور.

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.