أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة السابعة بعد المائة في موضــــوع القـــــوي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة بعد المائة في

موضوع (القوي ) وهي بعنوان : مظاهر قوة الإيمان:

فإنه كما تقرر سابقًا أن الإيمان يزيد ويقوى، ولا شك أن ذلك يكون له علامات وظواهر جلية في أقوال صاحبه وأفعاله وسائر أحواله، فالمؤمن الذي رسخ الإيمان في قلبه لا بد أن تتأثر بذلك جوارحه، ويسري فيها مسرى الدم في العروق، وتظهر آثار هذا الإيمان في أقواله وأفعاله وفي سلوكه وتصرفاته، حتى في خواطره وأمنياته، ومن ذلك:

1- سرعة الانقياد للشرع:

فأعظم آثار الإيمان في قلب المؤمن التزامه بشرع الله، ومحافظته عليه، وأن يكون واقفًا عند حدوده ونواهيه، كما قال تعالى في وصف المؤمنين: }إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{ [النور: 51-52].

بل قد نفى الإيمان عن أولئك الذين يتململون من أحكام الشريعة حتى ولو في بطونهم، فقال جل وعلا: }فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{ [النساء: 65].

وقد ضرب المؤمنون حقًا وهم الصحابة رضوان الله عنهم أروع الأمثلة في التزامهم أمر الله عز وجل ورسوله، حتى قال قائلهم: «لو أمرنا الله بقتل أنفسنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا»؛ وحسبنا أن نذكر موقف نساء الأنصار حين نزلت آيات الحجاب، وكيف كانت سرعة انقيادهن واستجابتهن بلا تردد.

وفي هذا تحدثت عائشة رضي الله عنها: «إن لنساء قريش فضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، وأشد تصديقًا لكتاب الله، ولا إيمانًا بالتنزيل، لما نزلت سورة النور: }وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ{ [النور: 31]، انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم منها، يتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته، فما فيهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فاعتجرت به، تصديقًا وإيمانًا بما أنزل الله من كتاب، فأصبحن وراء رسول الله ﷺ كأن على رؤوسهن الغربان».

2- اجتناب لوثات الشرك:

إن من آمن أن الله عز وجل هو الخالق الرازق القوي القادر الذي بيده الأمر، علم يقينًا أن الخلق كلهم فقراء إليه وضعفاء من دونه، لا يملكون لأنفسهم

نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، ولهذا فإنه إذا سأل سأل الله، وإذا استعاذ استعاذ بالله، وإذا توجه ولجأ لجأ إلى الله وحده، وإذا توكل توكل

على الله، علم يقينًا وآمن حقًا أن الله تعالى كاف عبده المؤمن فتوكل عليه واطمأن به، كما قال تعالى: }أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ{ [الزمر: 36].

حفظ قول ربه تصديقًا وإيمانًا }وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ [الأنعام: 17]، فسارع إلى ربه في ملماته وحوائجه.

وإذا حلف حلف بالله لأنه يعلم أن: «من حلف بغير الله فقد أشرك»[ سنن أبي داود: كتاب الإيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء.]

لا يتطير ولا يتشاءم توكلاً على الله وحُسنَ ظن به ورضاءً بأمره «الطيرة شرك»[ سنن أبي داود، كتاب الطب، باب في الطيرة.]

، والله تعالى يقول: }إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ{ [النساء: 34، و 116].

فحري بالمؤمن أن يطهر نفسه من الشرك المخرج من الملة، وأن يتعاهد قلبه وعمله بالمحاسبة حتى يطمئن إلى السلامة من الشرك بأنواعه.

وبالجملة فعمل المؤمن الحق ظاهرًا وباطنًا قائم على التوحيد، وسالمٌ من لوثات الشرك وأدرانه.

3- مدافعة الوساوس الشيطانية: يقول الرسول ﷺ: «يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل: آمنت بالله ورسوله»، وفي رواية البخاري: «فإذا بلغ ذلك: فليستعذ بالله ولينته». فالمؤمن إذا خطر بقلبه خواطر ووساوس شيطانية من الشك في الدين أو العبادة فعليه أن يدفعها مباشرة، ولا يسترسل معها، ولا يستسلم لها، بل يلجأ إلى الله تعالى في دفعها عنه حتى تزول عنه ويندحر الشيطان.

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.