أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة التاسعة والسبعـون في موضــــوع القـــــوي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والسبعون في

موضوع (القوي ) وهي بعنوان :

* قصص وعبر في عجائب مصارع الظالمين قديما وحديثا دليل على قدرة وقوة الجبار :

من السنن الإلهية ان الظلم مهما طال امده واسودت لياليه وطالت اذرعه واشتد فساده وانتشر في ربوع الارض حتي يضرع المظلمون الي ربهم يقولون اما لهذا الليل من اخر ويتساءلون متي تنقشع  هذه الظلمة وينبلج فجر العدل : فان الله تعالى لا بد أن يأخذ الظالم ولو بعد حين، وقد  جرت عادته في خلقه أنه سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، ونهاية الظالمين أليمة  والمتأمل في سيرهم في القرآن الكريم يجد في مصارعهم عبرة وعظة ولا يبالي الله في أي واد يهلكون ويخزيهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة وقد

 جعل الله عقوبة الظلم والبغي معجلة في الدنيا قبل الآخرة لشناعة الظلم وكثرة أضراره

(ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم) [رواه الترمذي  2511  حديث صحيح

وعلى الظالم  الباغي تدور الدوائر فيبوء بالخزي ويتجرع مرارة الذل والهزيمة وينقلب خاسئاً وهو حسير لم يبلغ ما أراد ولن يظفر بما رجا، أقرب الأشياء صرعت الظلوم وأنفذ السهام دعوة المظلوم

فالحكم العدل لابد وان يهلك الظالمين ويمحق المعتدين ويقطع دابر المفسدين، سواء كان الظالم فرداً أو جماعة، حزباً أو طائفة، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : “الغالب أن الظالم تعجل له العقوبة في الدنيا وإن أمهل فإن الله يملي له حتى إذا أخذه لم يفلته “، وقد قال بعض أكابر التابعين لرجل : “يا مفلس فابتلي القائل بالدين والحبس بعد أربعين سنة “، وضرب رجل أباه وسحبه إلى مكان ما فقال الذي رآه بعد ذلك: إلى هاهنا رأيت هذا المضروب قد ضرب أباه وسحبه إليه، فسبحان من هو قائم على كل نفس بما كسبت، وسبحان من هو بالمرصاد، وسبحان الحكم العدل الذي لا يجور، وسبحان من بيده موازين ومقاليد الأمور، يفعل ما يشاء ويحصي على العباد مثاقيل الذر، وكما تدين تدان

فجانب الظلم لا تسلك مسالكه                       عواقب الظلم تخشى وهي تنتظر

وكل نفس ستجزى بالذي عملت                     وليس للخلق من ديانهم وطر

ومن أشد أنواع الظلم تسلط الظلمة على رعيتهم كما تسلط فرعون على قومه وقال: مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (غافر29) واليوم كثيرون يظلمون ويتسلطون ويستبدون سيراً على سيرة سلفهم فرعون الطاغية : ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى سورة (غافر26)، وهكذا سفك للدماء، عدوان على الأحياء، بقر لبطون الحوامل، قلع لعيون الناس وأظفار الأطفال، هدم للبيوت، حصار للأعداء، تجويع، تسميم، إهانة، إذلال، استيلاء على الأموال، استعباد كامل، والله سبحانه وتعالى قال على لسان فرعون: سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (الأعراف127 ) لا يستطيعون أن يخرجوا عن حكمنا وقدرتنا، وهذا غاية الجبروت والعدوان والقسوة  ولذلك قال تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا

يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ( القصص)

ومن الظلمة الذين مروا في التاريخ قارون الذي بغى على قومه لما آتاه الله من الكنوز ما تنوء بثقله العصبة أولي القوة، كما بغى عليهم بجبروت الخبرة كما

ظن والذكاء والعلم الذي عنده فماذا كانت النتيجة؟ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ( القصص 81 ) .

وأبرهة صاحب الفيل الذي بنى كنيسة بصنعاء ليصرف الناس للحج إليها ويجعل العرب يأتونها بدلاً من الكعبة ماذا كانت عاقبته؟ صرف الله عنها الناس وهيأ من يوقد فيها حريقاً ويلطخها بالنجاسة، فأراد أن يأتي البيت ويهدمه حجراً حجراً، فماذا فعل الله به ؟ أرسل طيراً أبابيل جماعات جماعات تحمل الحجارة وترمي أبرهة وجنوده بها، حتى رجع صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فمات هناك وقد هلك أكثر جيشه وانتهى

يقول ابن القيم

اذاكنت في نعمة فارعها فان الذنوب تزيل النعم وحطها بطاعة رب العباد فرب العباد سريع النقم

واياك والظلم مهما استطعت فظلم العباد شديدالوخم*** وسافر بقلبك بين الوري لتبصر اثار من قد ظلم

فتلك مساكنهم  بعدهم شهود عليهم ولاتتهم وماكان شيء*** عليهم اضر من الظلم وهو الذي قد قصم

فكم تركوا من جنان ومن قصورواخري عليهم اطم صلوا ***بالجحيم وفات النعيم وكان الذي نالهم كالحلم

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.