أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الثانية والخمسـون في موضــــوع القـــــوي

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والخمسون في موضوع  (القوي ) وهي بعنوان : علو همة السلف في طلب العلم:

 وأخيراً: من الأمثلة العالية الهمم العالية في طلب العلم كثيرة جداً وننتقي بعض المقاطع، عن ابن عباس قال: لما توفي رسول الله ﷺ قلت لرجل من الأنصار: هلم نسأل أصحاب رسول الله ﷺ فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجباً لك يا ابن عباس، أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من أصحاب النبي ﷺ من ترى، فترك ذلك وأقبلت على المسألة، يسأل ابن عباس، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل، نائم القيلولة، فأتوسد ردائي على بابه فتسفي الريح علي التراب فيخرج فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله، ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: أنا أحق أن آتيك فأسألك، قال: فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي، فقال: هذا الفتى أعقل مني [فضائل الصحابة: 1925، ومستدرك الحاكم: 363].

الهمة العالية يتوسد عند الباب في الظهيرة، هذا الرجل نائم وابن عباس عند الباب، والريح تأتي بالتراب ينتظر للمسألة العلمية.

وعروة بن الزبير عن هشام عن أبيه أنه كان يقول لنا ونحن شباب: مالكم لا تعلمون؟ إن تكونوا صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار قوم، وما خير الشيخ أن يكون شيخا وهو جاهل، لقد رأيتني قبل موت عائشة بأربع حجج وأنا أقول: لو ماتت اليوم ما ندمت على حديث عندها إلا وقد وعيته، ولقد كان يبلغني عن الصحابي الحديث فآتيه وأجده قد قال، فأجلس على بابه ثم أسأله عنه [سير أعلام

النبلاء: 4/424].

وكان عامر بن قيس التميمي مقرئاً يقرئ الناس القرآن فيأتيه ناس فيقرئهم القرآن، ثم يقوم فيصلي إلى الظهر، من الصباح يقرئ إلى الظهر، ثم يصلي العصر، ثم يقرئ الناس إلى المغرب، ثم يصلي ما بين العشاءين فينصرف إلى منزله، فيأكل رغيفاً وينام نومة خفيفة ثم يقوم لصلاته، ثم يتسحر رغيفاً ويخرج [سير أعلام النبلاء: 4/15- 16].

قيام وصيام وإقراء قرآن من الصباح إلى الليل.

أما سعيد بن عبد العزيز التنوخي قال: "كنت أجلس بالغدوات إلى ابن أبي مالك، وأجالس بعد الظهر إسماعيل بن عبيد الله، وبعد العصر مكحولاً" [سير أعلام النبلاء: 8/33].

وأما القعنبي قال أبو حاتم: ثقة حجة لم أر أخشع منه، كان إذا مر بمجلس القوم قالوا: لا إله إلا الله، ذكروا الله -عز وجل-، سألناه أن يقرأ علينا الموطأ، فقال: تعالوا بالغداة، فقلنا: لنا مجلس عند الحجاج بن منهال، قال: فإذا فرغتم منه، قلنا: فنأتي حينئذ مسلم بن إبراهيم، قال: فإذا فرغتم، قلنا: نأتي أبا حذيفة النهدي، قال: فبعد العصر، قلنا: نأتي عارماً أبا النعمان، قال: فبعد المغرب، فكان يأتينا بالليل، فيخرج علينا وعليه كبل ما تحته شيء في الصيف، فكان يقرأ علينا في الحر الشديد حينئذ [سير أعلام النبلاء: 10/260].

هذا يدل على كيف كان أبو حاتم -رحمه الله- وأقرانه يطلبون العلم، مجالس متواصلة.

وحدث بعض أهل العلم وهو ابن حبان عن بعض العلماء، ابن حبان يحدث عن نفسه قال: "لعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ"، قال الذهبي: "كذا فلتكن الهمم، هذا مع ما كان عليه من الفقه والعربية والفضائل الباهرة وكثرة التصانيف" رحمه الله [سير أعلام النبلاء: 16/94].

وقال محمد بن علي السُلمي: "قمت ليلة سحراً لآخذ النوبة على ابن الأخرم فوجدته قد سبقني ثلاثون

قارئاً، لم تدركني النوبة إلى العصر" [سير أعلام النبلاء: 15/565]، وراء بعض يجلسون سرى عند الشيخ.

وابن الأخرم كان له حلقة عظيمة بجامع دمشق يقرؤون عليه من بعد الفجر إلى الظهر [سير أعلام النبلاء: 15/565].

ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.