أسمـــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الرابعة والأربعـون في موضــــوع القـــــوي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:فهذه الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع (القوي ) وهي بعنوان : وسائل تقوية الإرادة :
ثم من العبادات التي تقوي الإرادة: الصيام، فلا شك أن الصيام يقوي الإرادة، إرادة الصبر على الجوع والعطش والشهوة لأجل الله جل جلاله ، فهناك عبادات واضح أثرها في تقوية الإرادة.
ثم من الأمور المهمة أيضاً: عدم التردد والتحير والتلكؤ إذا ظهر لك رجحان الأمر شرعاً وأنه من طاعة الله، بل ينبغي عليك الإقدام والإسراع، الذين يسارعون في الخيرات، ينبغي عليك أن تأخذ بجانب الحزم والعزم، قال النبي ﷺ: إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل [رواه أحمد: 14787، وقال محققو المسند: "صحيح لغيره"].
في غزوة أحد استشار القوم فأشار بعضهم بأمر، وأشار الآخرون بأمر آخر في الخروج، وعدم الخروج، فمال النبي ﷺ إلى قول الذين قالوا بالخروج من المدينة لملاقاة العدو ولبس لأمته، فكأن بعضهم وجد في نفسه أو أنه ندم، قالوا: ربما أكرهنا النبي ﷺ فراجعوه إذا كان يريد أن يقعد، يعني ما عندهم مانع في ذلك، وهم يؤيدونه، لكن النبي ﷺ ما دام اتخذ القرار ورأى فيه المصلحة الشرعية بعدما شاور: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ [آل عمران: 159]، فقال:إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل [رواه أحمد: 14787، وقال محققو المسند: "صحيح لغيره"].
وهذا درس في مسألة رد التحير والاضطراب والتردد، ونبذ هذا الكلام، والإقدام على الأمر بالحزم والعزم.
ثم إن النبي ﷺ قد علمنا هذا المفهوم في حديث مهم، فقالﷺ: المؤمن القوي، خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف [رواه مسلم: 2664].
-طبعاً- القوي في كل شيء، في إرادته، دينه، إيمانه، بدنه، مهاراته، قدراته، المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز ، واستعن بالله ولا تعجز، لا تعجز، يعني: أقدم، لا تتردد، لا تتحير، لا تتخاذل، لا تتكاسل، واستعن بالله ولا تعجز، احرص على ما ينفعك، ما دام رأيت فيه المصلحة الشرعية، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء بعد كل هذه الإجراءات لو أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان [رواه مسلم: 2664].
فإذاً، الإرادة القوية تقتضي حزم وإقدام وجرأة وشروع في العمل، ولا للتردد والحيرة والاضطراب.
وهذا الحديث رواه أحمد ومسلم.
وهذه اللفتة أيضاً موجودة في حديث مسلم في فتح خبير، في حديث مسلم لما أعطى النبي ﷺ الراية، جاء في الحديث قوله ﷺ: لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه ، قال عمر -رضي الله عنه-: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، بأي سبب؟ بسبب هذا الوصف يحب الله ورسوله، ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، هذا من ورع عمر -رضي الله عنه- ما كان يتطلع للإمارة إلا في هذا الموقف، "فتساورت لها رجاء أن أدعى إليها، قال أبو هريرة: فدعا رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فأعطاه إياها، وقال: امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك ، فسار علي شيئاً ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ: يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم، إلا بحقها وحسابهم على الله [رواه مسلم: 2405].
ومن صفات القائد المسلم الذي يقود في معركة، أو في أي مجال آخر من المجالات: أنه لا يتردد ولا يتباطأ؛ لأن عامل الحسم عامل مهم في القيادة، إذا كان الكفار يتكلمون عنه في كثير من الأمور العسكرية والإدارية وغيرها نحن أولى وأحرى بهذا، بل هو من ديننا، بل عرفناه قبلهم من هذا الدين.
وعدم التكاسل والتردد حتى في العبادة، حتى في الصلاة، في السهو إذا غلب على ظنه، يفعل ما ترجح لديه، وإذا لم يغلب على ظنه شيء شك يبني على اليقين، لا ينصرف عن صلاته وهو شاك فيها، إما أن ينصرف عن يقين أو غلبة ظن ويسجد للسهو.
وقد قال النبي ﷺ: قال الله -تعالى-: يا بن آدم لا تعجز عن أربع ركعات في أول النهار أكفك آخره[رواه أحمد: 22469، وقال محققو المسند: "حديث صحح"]، هذه مثل: صلاة الضحى أربع ركعات في أول النهار تسبب الوقاية من الأحداث السيئة والأعراض والأمراض، ونحو ذلك.
ويحتاج الإنسان في هذا إلى التحلي بالصبر، وأن يكون جاداً، وأن يعقد قلبه على الشيء وأن يعزم، العزم مهم، العزم هذا من مرادفات قوة الإرادة، قال الله -عز وجل-: وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [آل عمران: 186]. هناك أفعال واضح أنها تحتاج إلى عزيمة تحتاج إلى قوة: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: 43].
ليس كل الناس يستطيعون أن يصبروا ويسامحوا الآخرين: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان: 17]، فليس كل الناس يستطيعون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ما يترتب على ذلك مع إقام الصلاة.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.