أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثامنة والثمانون بعد المائتين في موضوع الأول والآخر
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة الثامنة والثمانون بعد المائتين في موضوع (الأول والآخر) وهي بعنوان : *اسما الله ( الأول والآخر ) يُؤسسان لعُمق عقيدة المسلم :
ونتناول اليوم الحديث عن اسمين جليلين آخرين، يُؤسسان لعُمق عقيدة المسلم التي يجب أن يحيا عليها، ويتعبَّد الله بمقتضاها، في زمنٍ تعاظمَتْ فيه شكاوى المخلوقين للخالق، والمرزوقين للرازق، والفانين للباقي، فترى الكثير منا يتأوَّه مِن ضيق العيش، ويشكو من قلة المؤونة، ويتزلَّف إلى الناس يعتصِم بهم، ويتقرَّب إليهم، مُعتقدين أنهم قادرون على الإغناء، والشفاء، وقضاء الحاجات بذواتهم وجاههم وأموالهم؛ بل منهم مَن يستقوي بأعداء الدين، ويرى القُرب منهم بُعدًا عن الضعف والهوان، وما علموا أن التزلُّف إليهم هو عين الضعف، وأن الاعتماد عليهم هو ذات الهوان؛ ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴾ [المائدة: 52]، تراهم يستحيون مِن المخلوقين، ولا يستحيون مِن خالق السماوات والأرضين، ويخافون من العبيد المسيَّرين، ولا يخافون من رب الأسياد والمستضعفين؛ ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴾ [المائدة: 52].
إنهما اسما الله: "الأول" و"الآخِر"؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الحديد: 3]، فقد علَّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام أن يقولوا إذا أووا إلى فراشهم: ((اللهمَّ أنت الأوَّلُ فليس قبلكَ شيءٌ، وأنت الآخِرُ فليس بعدكَ شيءٌ، وأنت الظَّاهرُ فليس فوقكَ شيءٌ، وأنت الباطنُ فليس دُونَكَ شيءٌ، اقْضِ عنَّا الدَّيْنَ، وأَغْنِنا مِنَ الفقرِ))؛ مسلم.
وعلَّمَنا نبينا صلى الله عليه وسلم عند النوم أن نُودِع أنفسنا الحيَّ الذي لا يموت، فقال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: ((يا فلانُ، إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فقل: اللهمَّ أسلمتُ نَفْسي إليكَ، ووَجَّهْتُ وَجْهي إليكَ، وفَوَّضْتُ أمْري إليك، وألْجأتُ ظَهْري إليكَ، رغبةً ورهبةً إليكَ، لا ملجأ ولا مَنْجَى منكَ إلا إليكَ، آمَنْتُ بكتابكَ الذي أنزلْتَ، وبنبيِّكَ الذي أرسلتَ، فإنَّكَ إنْ متَّ في ليلتِكَ متَّ على الفِطرةِ، وإنْ أصبحْتَ أصَبْتَ أجْرًا))؛ متفق عليه.
واسم الله "الأول" هو الذي ليس قبله شيء، و"الآخِر" هو الذي ليس بعده شيء؛ قال تعالى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [القصص: 88].
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته