أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثامنة والسبعون بعد المائتين في موضوع الأول والآخر
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة الثامنة والسبعون بعد المائتين في موضوع (الأول والآخر) وهي
بعنوان :*اللهم أنت الأول والآخر والظاهر والباطن :
فإن الله عز وجل قضى أن لا ينال ما عنده إلا بطاعته، ومن كان لله كما يريد كان الله له فوق ما يريد، فمن أَقبل إِليه تلقاه من بعيد ومن تصرف بحوله وقوته أَلان له الحديد، ومن ترك لأَجله أَعطاه فوق المزيد، ومن أَراد مراده الديني أَراد ما يريد. ثم اسم بسرك إِلى المطلب، واقصر حبك وتقربك على من سبق فضله وإِحسانه إِليك كل سبب منك، بل هو الذي جاد عليك بالأسباب، وهيأَ لك وصرف عنك موانعها وأَوصلك بها إلى غايتك المحمودة. فتوكل عليه وحده وعامله وحده وآثر رضاه وحده. وأجعل حبه ومرضاته هو كعبة قلبك التي لا تزال طائفاً بها. مستلماً لأركانها، واقفاً بملتزمها، فيا فوزك ويا سعادتك إِن اطلع سبحانه على ذلك من قلبك، ماذا يفيض عليك من ملابس نعمه وخلع أفضاله: "اللَّهُمَّ لا مانع لما أَعطيت ولا معطى لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد سبحانك وبحمدك".
ثم تعبد له باسمه الآخر بأَن تجعله وحده غايتك التي لا غاية لك سواه، ولا مطلوب لك وراءَه فكما انتهت إِليه الأَواخر, وكان بعد كل آخر فكذلك اجعل نهايتك إِليه، فإِن إِلى ربك المنتهى، إِليه انتهت الأسباب والغايات فليس وراءَه مرمى ينتهي إِليه . وقال: وأَما عبوديته باسمه الظاهر فكما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "وأَنتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيء".
فإِذا تحقق العبد علوه المطلق على كل شيء بذاته، وأَنه ليس فوقه شيء
البتة، وأَنه قاهر فوق عباده يدبر الأَمر من السماءِ
إِلى الأَرض ثم يعرج إِليه {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطّيّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، صار لقلبه أَملاً يقصده، ورباً يعبده، وإِلهاً يتوجه إِليه...فالتعبد باسمه الظاهر يجمع القلب على المعبود، ويجعل له رباً يقصده وصمداً يصمد إِليه في حوائجه وملجأً يلجأُ إِليه فإِذا استقر ذلك في قلبه وعرف ربه باسمه الظاهر استقامت له عبوديته وصار له معقل وموئل يلجأُ إِليه ويهرب إِليه ويفر كل وقت إِليه.
وأَما التعبد باسمه الباطن، فإِذا شهدت إِحاطته بالعوالم وقرب العبيد منه وظهور البواطن له وبدوِّ السرائر له وأَنه لا شيء بينه وبينها فعامله بمقتضى هذا الشهود، وطهر له سريرتك فإِنها عنده علانية, وأَصلح له غيبك فإِنه عنده شهادة وزكِّ له باطنك فإِنه عنده ظاهر. فانظر كيف كانت هذه الأَسماءُ الأَربعة جماع المعرفة بالله، وجماع العبودية له)[ مختصر من طريق الهجرتين (1/40-49) ]
[ الأنترنت – موقع العقيدة والحياة – دأحمد القاضي ]
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته