أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والأربعون بعد المائتين في موضوع الأول والآخر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثالثة والأربعون بعد المائتين في موضوع (الأول والآخر) وهي بعنوان : *خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها :

من فوائد الأحاديث:

الفائدة الأولى: حديث أبي هريرة رضي الله عنه دليل على تعظيم فضل الأذان وجزائه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لو يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ))، والنداء هو الأذان، واستدل بهذا الحديث من يرى تفضيل الأذان على الإمامة، وتقدَّم الخلاف في أول كتاب الصلاة عند شرح حديث: (المؤذِّنُون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة)، وأن الأذان أفضل لصريح النصوص الصحيحة في فضله.

الفائدة الثانية: الحديث دليلٌ على عظم فضل الصف الأول والترغيب فيه، وبلغ من فضل هذين العملين: الأذان، والصف الأول أن لو علم الناس بفضلهما، لتزاحموا وضاق العمل عن ظفر أهله به، ولم يجدوا بُدًّا لفكِّ النزاع إلا من وضع قرعة؛ ولكن الله تعالى أخفى عن عباده الفضل كما أخفى غيرها من الأعمال كتحديد ساعة الجُمعة، وتحديد ليلة القدر؛ لتكون اختبارًا وميدانًا للتنافُس بين عباد الله، وتمييزًا بين المسارعين للخيرات والغافلين عن عظيم الطاعات.

الفائدة الثالثة: الحديث دليلٌ على مشروعية القرعة عند التنازع وعدم المرجح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا))، وجاء العمل بالقرعة في نصوص عدة من الكتاب والسنة.

 قال ابن القيم رحمه الله: "ومن طرق الأحكام: الحكم بالقرعة؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [آل عمران: 44].

قال قتادة: "كانت مريم ابنة إمامهم وسيدهم فتشاح عليها بنو إسرائيل، فاقترعوا عليها بسهامهم، أيهم يكفلها، فقرع زكريا، وكان

زوج أختها، فضمَّها إليه".

وروي نحوه عن مجاهد، وقال ابن عباس: "لما وضعت مريم في المسجد

 اقترع عليها أهل المصلى، وهم يكتبون الوحي، فاقترعوا بأقلامهم أيهم يكفلها"، وهذا متفق عليه بين أهل التفسير.

وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ﴾ [الصافات: 139 - 141].

يقول تعالى: فقارع فكان من المغلوبين، فهذان نبيَّان كريمان استعملا القرعة، وقد احتجَّ الأئمة الأربعة بشرع من قبلنا إن صح ذلك عنهم، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّل، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا))، وفي الصحيحين أيضًا عن عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرًا أقرع بين أزواجه، فأيتهنَّ خرج سهمُها خرج بها معه" .... فهذه السنة - كما ترى - قد جاءت بالقرعة كما جاء بها الكتاب، وفعلها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده، وذكر ابن القيم عدة نصوص من السنة أخرى على مشروعية القرعة؛ [الطرق الحكمية (1 /245)].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته