أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والثلاثون بعد المائتين في موضوع الأول والآخر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثالثة والثلاثون بعد المائتين في موضوع (الأول والآخر) وهي

بعنوان :* عبد الله بن مسعود أول صادح بالقرآن :

ولندع شاهد عيان يصف لنا ذلك المشهد المثير ..

انه الزبير رضي الله عنه يقول : " كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، اذ اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : والله ما سمعت قريش مثل هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهموه .. ؟؟ فقال عبد الله بن مسعود : أنا .. قالوا : ان نخشاهم عليك، انما نريد رجلا له عشيرته يمنعونه من القوم ان أرادوه .. قال : دعوني، فان الله سيمنعني .. فغدا ابن مسعود حتى اتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، فقام عند المقام ثم قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم _رافعا صوته_ الرحمن * علم القرآن، ثم استقبلهم يقرؤها ..فتأملوه قائلين : ما يقول ابن ام عبد .. ؟؟ انه ليتلو بعض ما جاء به محمد ..

فقاموا اليه وجعلوا يضربون وجهه، وهو ماض في قراءته حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ .. ثم عاد الى أصحابه مصابا في وجهه وجسده، فقالوا له : هذا الذي خشينا عليك .. فقال : ما كان أعداء الله أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينّهم بمثلها غدا .. قالوا : حسبك، فقد أسمعتهم ما يكرهون ".. !!

أجل ما كان ابن مسعود يوم بهره الضرع الحافل باللبن فجأة وقبل أوانه .. ما كان يومها يعلم أنه هو ونظراؤه من الفقراء والبسطاء، سيكونون احدى معجزات الرسول الكبرى يوم يحملون راية الله، ويقهرون بها نور الشمس وضوء النهار .. !!

ما كان يعلم أن ذلك اليوم قريب ولكن سرعان ما جاء اليوم ودقت الساعة، وصار الغلام الأجير الفقير الضائع معجزة من المعجزات

لم تكن العين لتقع عليه في زحام الحياة .. بل ولا بعيدا عن الزحام .. !!

فلا مكان له بين الذين أوتوا بسطة من المال، ولا بين الذين أوتوا بسطة في الجسم، ولا بين الذين أوتوا حظا من الجاه .. فهو من المال معدم.. وهو في الجسم ناحل، ضامر .. وهو في الجاه مغمور ..             

ولكن الاسلام يمنحه مكان الفقر نصيبا رابيا وحظوظا وافية من خزائن كسرى وكنوز قيصر .. !

ويمنحه مكان ضمور جسمه وضعف بنيانه ارادة تقهر الجبارين، وتسهم في تغيير مصير التاريخ.. !

ويمنحه مكان انزوائه وضياعه، خلودا، وعلما وشرفا تجعله في الصدارة بين أعلام التاريخ .. !!

ولقد صدقت فيه نبوءة الرسول عليه الصلاة والسلام يوم قال له : " انك غلام معلّم " فقد علمه ربه، حتى صار فقيه الأمة، وعميد حفظة القرآن جميعا . يقول على نفسه:" أخذت من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، لا ينازعني فيها أحد " ..

ولكأنما أراد الله مثوبته حين خاطر بحياته في سبيل ان يجهر بالقرآن

ويذيعه في كل مكان بمكة أثناء سنوات الاضطهاد والعذاب فأعطاه سبحانه موهبة الأداء الرائع في تلاوته، والفهم السديد في ادراك معانيه ..

ولقد كان رسول الله يوصي أصحابه أن يقتدوا بابن مسعود فيقول : " تمسّكوا بعهد ابن أم عبد " .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته