أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الأربعون بعد المائة في موضوع الأول والآخر
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة الأربعون بعد المائة في موضوع (الأول والآخر)وهي بعنوان:*أول معركة من معارك الإسلام الفاصلة هي:غزوة بدر الكبرى :
*موقف الجيش الإسلامي في ضيق وحرج:
أما استخبارات جيش المدينة فقد نقلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو لا
يزال في الطريق بوادي ذَفِرَان ـ خبر العير والنفير، وتأكد لديه بعد التدبر في تلك الأخبار أنه لم يبق مجال لاجتناب اللقاء الدامي، وأنه لا بد من إقدام يبني على الشجاعة والبسالة، والجراءة، والجسارة، فمما لا شك فيه أنه لو ترك جيش مكة يجوس خلال تلك المنطقة يكون ذلك تدعيمًا لمكانة قريش العسكرية، وامتدادًا لسلطانها السياسي، وإضعافًا لكلمة المسلمين وتوهينًا لها،بل ربما تبقى الحركة الإسلامية بعد ذلك جسدًا لا روح فيه، ويجرؤ على الشر كل من فيه حقد أو غيظ على الإسلام في
هذه المنطقة.
ثم هل هناك ضمان للمسلمين بامتناع جيش مكة عن مواصلة سيره نحو المدينة، حتى ينقل المعركة إلى أسوارها، ويغزو المسلمين في عقر دارهم؟ كلا! فلو حدث من جيش المدينة نكول ما،لكان له أسوأ الأثر على هيبة المسلمين وسمعتهم.
المجلس الاستشاري :
ونظرًا إلى هذا التطور الخطير المفاجيء عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسًا
عسكريًا استشاريًا أعلى، أشار فيه إلى الوضع الراهن، وتبادل فيه الرأي مع عامة جيشه وقادته. وحينئذ تزعزع قلوب فريق من الناس،وخافوا اللقاء الدامى،وهم الذين قال الله فيهم: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ} [الأنفال:5، 6]، وأمــا قادة الجيش فقـام أبو بكر الصديق فقال وأحسن،ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن،ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امض لما أراك الله،فنحن معك،والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:24]، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى بَرْك الغِمَاد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا ودعا له به.:
وهؤلاء القادة الثلاثة كانوا من المهاجرين، وهم أقلية في الجيش، فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرف رأي قادة الأنصار؛ لأنهم كانوا يمثلون أغلبية الجيش، ولأن ثقل المعركة سيدور على كواهلهم، مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم، فقال بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة: (أشيروا علىّ أيها الناس) وإنما يريد الأنصار، وفطن إلى ذلك قائد الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ ، فقال: والله، ولكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: (أجل).
قال: فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصُبُر في الحرب، صُدَّق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تَقَرَّ به عينك، فسِرْ بنا على بركة الله.
وفي رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقًا عليها ألا تنصرك إلا في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم: فاظعن حيث شئت، وصِلْ حَبْل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فهو الله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غِمْدان لنسيرن معك، ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك.
فَسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد،ونشطه ذلك،ثم قال: (سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدنى إحدى الطائفتين، والله لكإني الآن أنظر إلى مصارع القوم).
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته