بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة السادسة والثلاثون بعد المائة في موضوع (الأول والآخر)وهي بعنوان: *كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة :

*من فوائد الحديثين:

الفائدة السابعة عشر: حديث جابر رضي الله عنه وجوابه حين سأله أبو سلمة رضي الله عنه: "أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ قَبْلُ؟ قَالَ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ "استدل به من قال إن أول ما نزل من القرآن " ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾.

وجمهور العلماء على أن أول ما نزل من القرآن ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ استدلالاً بحديث عائشة رضي الله عنها وهو الصواب.

ويدل على ذلك:

• أن حديث عائشة رضي الله عنها صريح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرأ قبل

(إقرأ) شيء من القرآن حيث قال له" مَا أَنَا بِقَارِىءٍ".

• أن عائشة رضي الله عنها نقلت قول النبي صلى الله عليه وسلم وتصريحه في أول نزول لجبريل عليه السلام عليه ب (إقرأ) بينما جابر رضي الله عنه أجاب من علمه، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على جواب غيره.

• أن جابر رضي الله عنه كان يحدث عن فترة الوحي، أي انقطاعه ثم مجيئه بـ ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ بينما عائشة رضي الله عنها تحدث عن أول لقاء في الوحي وكان ب (إقرأ).

• أن في حديث جابر رضي الله عنه ما يدل على حادثة غار حراء حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:"فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ " فَأَنْزَلَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾ .

• أن الأمر بالقراءة في الترتيب قبل الأمر بالإنذار.

قال ابن القيم رحمه الله:" هذا قول عائشة والجمهور والصحيح قول عائشة رضي الله عنها ثم ذكر بعض الأدلة السابقة" [ انظر زاد المعاد (1/ 82)].

وقال النووي رحمه الله:" والصواب أن أول ما أنُزل على الإطلاق كما

صرح به ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ كما صرح به في حديث عائشة رضي الله عنها... وأن أول ما نزل بعد فترة الوحي ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴾، وأما قول من قال من المفسرين أول ما نزل الفاتحة، فبطلانه أظهر من أن يذكر" [شرح مسلم (2/ 382)] وذكر بعض ما تقدم من الأدلة على ترجيح قول الجمهور.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته