أسمـــــاء الله الحسنى وصفــــــاته الحلقة المائــــــة في موضوع الأول والآخـــــــر
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة المائة في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :
* الأولون وما كانوا عليه من المحبة والتعاون : الفتنة الثانية:
وقبل أن يتفق الفريقان على ذلك شعر قتلة عثمان بأن الدائرة ستدور
عليهم، وهم على يقين بأن عليًا لن يحميهم من الحق عند ظهوره، فأنشب هؤلاء حرب الجمل، فكانت الفتنة الثانية بعد الفتنة الأولى. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (13/41-42، 44) معتمدًا على كتاب (أخبار البصرة) لعمر بن شبة، وعلى غيره من الوثائق القديمة التي جاء فيها عن ابن بطال قول المهلب: «... إن أحدًا لم ينقل أن عائشة ومن معها نازعوا عليًا في الخلافة، ولا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة، وإنما أنكرت هي ومن معها على عليٍّ منعه من قتل قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم. وكان علي ينتظر من أولياء عثمان أن يتحاكموا إليه، فإذا ثبت على أحد بعينه أنه ممن قتل عثمان اقتص منه. فاختلفوا بحسب ذلك وخشى من نسب إليهم القتل أن يصطلحوا على قتلهم، فأنشبوا الحرب بينهم (أي بين فريقي عائشة وعلي) إلى أن كان ما كان»
ونجح قتلة عثمان في إثارة الفتنة بوقعة الجمل، فترتب عليها نجاتهم وسفك دماء المسلمين من الفريقين، وإنك لتجد الأسماء التي سجلها التاريخ في فتنة عثمان بقي يتردد كثير منها في وقعة الجمل، وفيما بين الجمل وصفين،
ثم في وقعة صفين وحادثة التحكيم.
ظهور الخوارج والشيعة:
وفي هذه الحادثة الأخيرة اتسعت دائرة الغلو في الدين، فكثر المصابون بوبائه، وتفننوا في مذاهبه، إلى أن انتهى أمرهم بانشقاق (الخوارج) عن علي، وتميز فريق من المتخلفين مع علي باسم (الشيعة)، ولم يقع نظري على اسم للشيعة في حياة علي كلها إلا في هذا الوقت سنة 37هـ. ومن الظواهر التي تسترعى الأنظار في تاريخ هذه الفترة أن الغلاة من الفريقين – فريق الشيعة وفريق الخوارج – كانوا سواء في الحرمة للشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، تبعًا لما كان عليه أمير المؤمنين علي نفسه، وما كان يعلنه على منبر الكوفة من الثناء عليهما والتنويه بفضلهما.
أما الخوارج فإنهم والإباضية ظلوا على ذلك لم يتغيروا أبدًا، فأبو بكر وعمر كانا عندهم أفضل الأمة بعد نبيها، استرسالاً منهم فيما كانوا عليه مع علي قبل أن يفارقوه .
وأما الشيعة فإنهم عندما جددوا بيعتهم لعلي بعد خروج الخوارج إلى
حروراء والنهراون قالوا له أولاً: «نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت». فشرط لهم – كرم الله وجهه سنة رسول الله ﷺ: أي أن يوالوا من والى على سنة رسول الله، ويعادوا من عادى على سنته ﷺ. فجاءه ربيعة بن أبي شداد الخثعمي – وكان صاحب راية خثعم في جيش علي أيام الجمل وصفين – فقال له علي: «بايع على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ» فقال ربيعة: «وعلى سنة أبي بكر وعمر» فقال علي: «لو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ لم يكونا على شيء من الحق» أي أن سنة أبي بكر وعمر إنما كانت محمودة ومرغوبًا فيها لأنها قائمة على العمل بكتاب الله وسنة رسوله، فبيعتكم الآن على كتاب الله وسنة رسوله تدخل فيها سنة أبي بكر وعمر.
هكذا كان (موقف) أمير المؤمنين علي من أخويه وحبيبيه خليفتي رسول الله؛ أبي بكر، وعمر، في حياته كلها، وهكذا كانت شيعته الأولى: من خرج منهم عليه، ومن جدد البيعة له بعد التحكيم.
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته