أسمـــاء الله الحسنى وصفـــــاته الحلقة السابعة والخمســــون في موضوع الأول والآخــــر

نبذة عن الصوت

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة السابعة والخمسون في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :

* التوحيد أولا (لو كانوا يعلمون) خطبة جمعة :

إنَّ التَّوْحيد الخالص هو لباب الرِّسالات السَّماوية كلِّها، وهو عمود الإسلام وشعاره الذي لا ينفكُّ عنه، وهو الحقيقة التي ينبغي أن نَغارَ عليها ونصونها من كلِّ شائبةٍ، وهي الدعوة التي دعا إليها جميع الأنبياء والمرسلين من نوحٍ إلى محمَّد عليهم صلوات الله وسلامه: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي

كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].

والطَّاغوت هو: كلُّ ما تجاوز به العبد حدَّه من معبودٍ أو متبوعٍ أو مُطاعٍ؛ فطاغوت كلِّ قومٍ مَنْ يتحاكمون إليه من دون الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه ليس من طاعة الله، أو يتبعونه على غير بصيرةٍ من الله: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ ﴾ [النساء: 60]، ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾ [البقرة: 257]، ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ﴾ [النساء: 51].

على كلمة التَّوْحيد الجليلة بنى المصطفى - عليه الصَّلاة والسَّلام - أمَّته، وأقام دعوته وشيَّد صرحها، وأنشأ جيلاً يوحِّد الواحد الأحد، ويبرأ من كلِّ الشُركاء المزعومين، فكلمة التَّوْحيد (لا إله إلا الله) هي الحادي الذي لا يُمَلُّ نداؤه، ولا يتلاشى صداه، وعندما يردِّدها الموحِّد فهو يقصد أمرَيْن عظيمَيْن:

أوَّلهما: إحقاق الحقِّ وإبطال الباطل؛ لأنَّ معنى الكلمة: لا معبود بحقٍّ إلا الله؛ فكلُّ ما خلا الله فهو باطلٌ،وما هو إلا وهمُ عقولٍ مختلَّةٍ، أو خداع حواسٍّ معتلَّةٍ.

وثانيهما: ضبط السُّلوك البشريُّ داخل نطاق هذا التَّوْحيد الخالص المنبثِق من كلمة التَّوْحيد، المشروطة بسبعة شروط متمثِّلة في العلم بمعناها، وهو أنه: لا معبود بحقٍّ إلاَّ الله، ومتمثِّلة كذلك في اليقين المنافي للشكِّ، والإخلاص المنافي للشِّرْك، والصِّدق المنافي للكذب، والقبول المنافي للرَّدّ، والانقياد المنافي للتَّرْك، والمحبَّة المنافية للبغض، وباجتماع ذلك تتوحَّد العبادة بكلِّ صورها؛ بحيث لا تكون إلا لله، فلا استنصارَ إلا بالله، ولا توكُّلَ إلا على الله، و لا رغبةَ ولا رهبةَ ولا خوفَ ولا رجاء إلاَّ بالله ومِنَ الله، ومن ثَمَّ يشعر الموحِّد من أعماق قلبه أنَّ ما دون الله هباءٌ، فلا تروعه سطوةُ ساطٍ، ولا تخدعه ثروة غنيٍّ، ويستحيل عنده أن يُغْلَبَ اللهُ على أمره، أو أن يُقْطَعَ شيءٌ دونه، فالتعلُّق بغير الله عجزٌ، والتطلُّع إلى سواه ضلالٌ لاحقٌ: ﴿ وَللَّهِ غَيْبُ السَّمَاواتِ وَالأرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ ﴾ [هود: 123].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته