أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع الأول والآخر
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة الرابعة والأربعون في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :
* احترام الآخرين :
أيُّها الأحبَّةُ: لقد جاءَ الإسلامُ بحُسنِ التَّعاملِ مع الآخرينَ وعدمِ احتقارِهم، وهكذا كانَ رَسولُنا -صلى اللهُ عليه وسلمَ- هيِّناً ليِّناً طيِّباً، بسَّاماً متواضعاً رقيقَ القلبِ، يعفو ويستغفرُ ويُشاورُ؛ كما أخبرَ اللهُ -تعالى- عَنه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا
عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)[آل عمران: 159].
وأخبرَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عن أخلاقِ المؤمنِ، فقالَ: “الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَأْلَفُ وَلا يُؤْلَفُ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ“، فهو يُحَبُّ ويُحِبُّ، ويُذكرُ بالخيرِ مِن كلِّ من عَرفَه وتعاملَ معَه وصاحبَه، وذلكَ لحُسنِ أَخلاقِه، وسُهولةِ طِباعِه، ولِينِ جَانبِه.
مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ *** لا يَذهَبُ العُرفُ بَينَ اللَهِ وَالناسِ
وأما أنتَ يا مَن أُسيءَ إليكَ ثُمَّ قَدَرتَ، فتذكَّرْ قولَه تعالى: (وَإِنْ تَعْفُوا
وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[التغابن: 14]، وقولَه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: “وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا“.
ذكرَ ابنُ رَجبٍ في ذَيلِ طَبقاتِ الحنابلةِ: أنَّ رَجلاً قَدمَ إلى الوزيرِ ابنِ هُبيرةَ -رحمَه اللهُ- ومعه آخرُ ادَّعى عليه أنَّه قتَل أَخاهُ، فقالَ له الوزيرُ: أقتلتَه؟، قالَ: نعم؛ جرَى بيني وبينه كلامٌ فقتلتُه، فقالَ الخصمُ: سلِّمْه إلينا حتى نقتلَه فقد أقرَّ بالقتلِ، فقالَ الوزيرُ: أَطلقوه ولا تَقتلوه، قالوا: كيفَ ذلك، وقد قتَلَ أخانا؟ قال: فتبيعُونِيهِ؟ فاشتراه منهم بسِتمائةِ دينارٍ، وسلَّمَ الذهبَ إليهم وذهبوا، وأعطى الوزيرُ القاتلَ خمسينَ دينارًا، فسألوا الوزيرَ: لقد أحسنتَ إلى هذا، وعملتَ معه أمرًا عظيمًا، وبالغتَ في الإحسانِ إليهِ، فقالَ الوزيرُ: منكم أحدٌ يعلمُ أنَّ عيني اليُمنى لا أُبصرُ بها شيئًا؟ فقلنا: مَعاذَ اللهِ، فقالَ: بلى واللهِ، أتَدْرونَ ما سببُ ذلكَ؟ قلنا: لا، قالَ: هذا الذي خلَّصتُه مِن القتلِ جاءَ إليَّ، ومعي كتابٌ في الفقهِ أقرأُ فيه، ومعَه سلَّةُ فاكهةٍ، فقالَ: احملْ هذه السلَّةَ، فقلتُ له: ما هذا شُغلي، فاطلبْ غَيري، فشاكَلَني ولكَمَني، فقَلَعَ عَيني، ومضَى، ولم أرَه بعدَ ذلك إلى يومي هذا، فذكرتُ ما صنعَ بي، فأردتُ أنْ أقابلَ إساءتَه إليَّ بالإحسانِ مع القُدْرةِ. وهكذا تكونُ أخلاقُ العُظماءِ.
[ الأنترنت – موقع ملتقى الخطباء - احترام الآخرين - الشيخ : هلال الهاجري خطيب ]
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته