أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع الأول والآخر
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :
*أبناء الآخرة :
«الاستقامة أبرز الصور الناتجة عن عمق الإيمان باليوم الآخر، لهذا فإنَّ الاستصحاب التربوي لمشاهد وتفاصيل اليوم الآخر من أكثر ما يعين المربين على إصلاح نفوس من يخاطبونهم، ومعالجة انحرافاتهم، وتقويم اعوجاجاتهم».
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يلفت الانتباه إلى أنَّ الدار الآخرة هي دار الحقائق، ويشير إلى أنَّ كثيراً من الموجودات والتصورات المعروفة في عالم البشر تحمل حقائق أخروية مختلفة عن ماهيتها في الدنيا، في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون ما المفلس» ؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: «إنَّ المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا؛ فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيتْ حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار»
[أخرجه مسلم 4/1997 كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم ح2581.]
بل أشار القرآن - وهو يربي المؤمنين - إلى أنَّ التشابه بين الموجودات في عالمي الدنيا والآخرة؛ إنما هو في الأسماء، أما الماهيات فمختلفة اختلاف الوهم والحقيقة، قال الله تعالى: «وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» [البقرة: 25]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لا يشبه شيءٌ مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء، وفي رواية: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء»[ تفسير ابن كثير 2/205.]
تلك الأمثال والإشارات الواردة في الكتاب والسنة إلى هذا الأمر مقصودها تربية الناس على التعامل مع تفاصيل اليوم الآخر بوصفها حقائق، والتعامل مع كل زخم حياتنا الدنيا وكل مباهجها ومفارحها وملذاتها بوصفها أوهاماً، أو ظلاً عن قليل سيزول، أو رحلة عن قريب ستنتهي، وإنَّ على الناس أنْ يستعدوا لتلك الحياة الجديدة الخالدة.. الحياة الحقيقية.
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته