أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة والعشرون في موضوع الأول والآخر
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة السادسة والعشرون في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :
*كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأول"؟
الجواب الحمد لله."الأول" من أسماء الله الحسنى . قال تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الحديد/ 3 ، و"الأول" هو : الذي ليس قبله شيء .
روى مسلم في صحيحه (2713) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَقُولُ: " اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى ، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، اللهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْء ٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ ) .
والعمل بمقتضى هذا الاسم يكون بمعرفة سبق فضله سبحانه ورحمته، فيحسن العبد الظن بربه ، ويلجأ إليه في كافة أمره ، ويقر بفقره وحاجته إلى ربه ، وغنى ربه ، مع واسع كرمه وفضله ، فيتحقق للعبد فقر اختياري ، وعبودية خاصة ، قال ابن القيم رحمه الله:
" عبوديته باسمه (الأَول) : تقتضى التجرد من مطالعة الأسباب ، والوقوف عليها ، والالتفات إِليها، وتجريد النظر إِلى مجرد سبق فضله ورحمته، وأَنه هو المبتدئ بالإِحسان من غير وسيلة من العبد، إِذ لا وسيلة له فى العدم قبل وجوده ، وأَى وسيلة كانت هناك ، وإِنما هو عدم محض، وقد أَتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً ؟!
فمنه سبحانه الإِعداد ، ومنه الإِمداد ، وفضله سابق على الوسائل ، والوسائل من مجرد فضله وجوده ، لم تكن بوسائل أُخرى .
فمن نزَّل اسمه الأَول على هذا المعنى أَوجب له فقراً خاصاً ، وعبودية خاصة
وعبوديته باسمه (الآخر) : تقتضي أيضا عدم ركونه ووثوقه بالأسباب ، والوقوف معها ؛ فإنها تنعدم لا محالة وتنقضي بالآخرية ، ويبقى الدائم الباقي بعدها ؛ فالتعلق بها تعلق بعدم وينقضي، والتعلق بالآخر سبحانه تعلق بالحي الذي لا يموت ولا يزول ؛ فالمتعلق به حقيق أن لا يزول ولا
ينقطع ، بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به .
كذا نظر العارف إليه بسبق الأولية حيث كان قبل الأسباب كلها ، وكذلك نظره إليه ببقاء الآخرية حيث يبقى بعد الأسباب كلها ؛ فكان الله ولم يكن شيء غيره ، وكل شيء هالك إلا وجهه !!
فتأمل عبودية هذين الاسمين ، وما يوجبانه من صحة الاضطرار إلى الله وحده ، ودوام الفقر إليه دون كل شيء سواه ، وأن الأمر ابتدأ منه ، وإليه يرجع ؛ فهو المبتدىء بالفضل حيث لا سبب ولا وسيلة ، وإليه
تنتهي الأسباب والوسائل ؛ فهو أول كل شيء وآخره .
وكما أنه رب كل شيء وفاعله وخالقه وبارئه ، فهو إلهه وغايته التي لا صلاح له ولا فلاح ولا كمال إلا بأن يكون وحده غايته ونهايته ومقصوده
فهو الأول الذي ابتدأت منه المخلوقات ، والآخر الذي انتهت إليه عبوديتها وإرادتها ومحبتها . فليس وراء الله شيء يقصد ويعبد ويُتأله ، كما أنه ليس قبله شيء يُخلق ويُبرأ .
فكما كان واحدا في إيجادك ، فاجعله واحدا في تألهك إليه ؛ لتصح عبوديتك .
وكما ابتدأ وجودك ، وخلقك منه ؛ فاجعله نهاية حبك وإرادتك ، وتألهك إليه ،لتصح لك عبوديته باسمه ( الأول والآخر ) .
وأكثر الخلق تعبدوا له باسمه الأول ؛ وإنما الشأن في التعبد له باسمه الآخر ؛ فهذه عبودية الرسل وأتباعهم ، فهو رب العالمين ، وإله المرسلين ، سبحانه وبحمده" . انتهى من " طريق الهجرتين " (ص 19-20) ، ومن أهم ما ينبغي العمل به ، بمقتضى أسمائه الحسنى سبحانه : سؤاله بها ، والتوسل إليه بها ، كما قال تعالى : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) الأعراف/180 . وهذا من تمام عبوديته سبحانه ، وتمام الفقر إليه .[الأنترنت - الإسلام سؤال وجواب - المنجد]
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته