أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع الأول والآخر
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة الواحدة والعشرون في موضوع (الأول والآخر ) وهي بعنوان :
*ثمرات معرفة معنى اسم الله الأول :
فالله -تبارك وتعالى- آخذٌ بنواصي الخلق جميعًا، فهذه صفةٌ كاشفةٌ، وليست بصفةٍ مُقيدةٍ، فالصِّفات على نوعين: منها ما يكون من قبيل الصِّفات الكاشفة، كما نقول: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]؛ لأنَّ الصِّراط لا يكون صراطًا إلا إذا كان مُستقيمًا، فإذا قيل: الصِّراط المستقيم، فهذه كاشفة، وليست بمُقيدةٍ، لكن حينما نقول مثلاً: رجلٌ طويلٌ، فهذه صفةٌ مُقيدةٌ، لكن حينما تقول: رجلٌ ذكرٌ، فهي صفة كاشفة؛ لأنَّ الرجل لا يكون إلا ذكرًا، وحينما تقول: امرأةٌ أنثى، فهذه صفة كاشفة، تكشف عن حقيقة الموصوف، ولا تُقيّده، بخلاف ما لو قيل لامرأةٍ: مُؤمنة، فتخرج غير المؤمنة، فهنا حينما يقول: أعوذ بك من شرِّ كل شيءٍ أنت آخذٌ بناصيته، هذا لا يُقيد الموصوف؛ لأنَّ الله آخذٌ بناصية كل شيءٍ، لا يخرج شيءٌ عن ذلك، ولكن هذا لمزيدٍ من التَّحقيق، هذا يعود على نفس قائله بالتَّثبت واليقين والاطمئنان، وصدق التَّوكل واللُّجئ إلى الله -تبارك وتعالى-، والعوذ بربِّه وخالقه.
فإذا استحضر أنَّ نواصي الخلق بيد الله ، وهذا -كما سبق- أعمّ من
روايةٍ أخرى عند مسلمٍ: من شرِّ كل دابَّةٍ أنت آخذٌ بناصيتها، فالدابَّة تُطلق بإطلاقاتٍ، لكنَّها تُقال لما يدبّ على الأرض، فكلّ ما دبَّ على الأرض فهو دابَّة، فيدخل في ذلك الإنسان والحيوان، وسائر أنواع الدَّواب: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هود:6]، لكن الشَّجر لا يُقال له: دابَّة، والحجر لا يُقال له: دابَّة، وإنما يُقال ذلك لمن يكون موصوفًا بالدَّبيب، وتُطلق بإطلاقٍ أضيق من هذا، ويُراد به ذوات الأربع من الحيوان، وتُطلق بإطلاقٍ عُرفيٍّ أضيق في عُرفٍ خاصٍّ،
فيُقال للحمار: دابَّة، فهذا أضيق إطلاقاته، والمقصود هنا ما هو أعمّ .
ثم قال مُخبرًا عن ربِّه -تبارك وتعالى- الذي يستعيذ به: اللهم أنت الأوَّل، فليس قبلك شيء، وقوله: فليس قبلك شيء تفسيرٌ للأول، يعني: له الأوَّلية المطلقة، وهذا من أسماء الله -تبارك وتعالى-، وسيأتي الكلامُ عليه، وما يكون مُقترنًا معه؛ لأنَّ الأول يُذكر مع الآخر، كما أنَّ الظَّاهر يُذكر مع الباطن، وسيأتي الكلامُ على ذلك جميعًا، إن شاء الله تعالى.
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة ،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته