أسمــــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــــــــــــــــه الحلقــــة السادسة عشرة بعد المائة في موضــــــــــــــــــوع المنـــــــــــــــــــــــــــــــان
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذ
الحلقة السادسة عشرة بعد المائة في موضوع (المنان) من اسماء الله
الحسنى وصفاته والتي هي بعنوان : المنان ذو المن :
فهذا جوابُ العَارِفِينَ باللهِ ورسولِهِ، وهل المنَّةُ إلاَّ للهِ المانِّ بِفَضْلِهِ الذي جَمِيعُ الخلقِ في مِنَنِهِ؟!!
وإنَّمَا قَبُحَتْ مِنَّةُ المخلوقِ؛ لأنَّها منَّةٌ بما ليسَ مِنْهُ، وهيَ مِنَّةٌ يَتَأَذَّى بها المَمْنُونُ عليهِ، وأمَّا مِنَّةُ (( المنَّانِ )) بِفَضْلِهِ التي ما طَابَ العيشُ إلاَّ بمنَّتِهِ، وكلُّ نعمةٍ منهُ في الدنيا والآخرةِ فهيَ مِنَّةٌ يَمُنُّ بها على مَنْ أَنْعَمَ عليهِ، فَتِلْكَ لا يَجُوزُ نَفْيُهَا.
وكيفَ يَجُوزُ أنْ يُقَالَ: إنَّهُ لا منَّةَ للهِ على الذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحاتِ في دخولِ الجنَّةِ؟! وهلْ هذا إلاَّ منْ أبطلِ الباطلِ؟!!
فإنْ قِيلَ: هذا القدرُ لا يَخْفَى على مَنْ قالَ هذا القولَ من العلماءِ، وليسَ مُرَادُهُم ما ذُكِرَ، وإنَّمَا مُرَادُهُم أنَّهُ لا يَمُنُّ عليهم بهِ، وإنْ كانتْ للهِ فيهِ المنَّةُ عليهم، فإنَّهُ لا يَمُنُّ عليهم بهِ، بلْ يُقَالُ: هذا جَزَاءُ أعمالِكُم التي عَمِلْتُمُوهَا في الدُّنيا، وهذا أَجْرُكُم، فَأَنْتُم تَسْتَوْفُونَ أُجُورَ أَعْمَالِكُم، لا نَمُنُّ
عَلَيْكُم بما أَعْطَيْنَاكُم.
قيلَ: وهذا أيضاً هوَ الباطلُ بِعَيْنِهِ؛ فإنَّ ذلكَ الأجرَ لَيْسَت الأعمالُ
ثَمَناً لهُ ولا مُعَاوَضَةً عنهُ، وقدْ قالَ أعلمُ الخلقِ باللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ))، قالُوا: ولا أنتَ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: ((وَلا أَنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ)).
فَأَخْبَرَ أنَّ دخولَ الجنَّةِ برحمةِ اللهِ وفضلِهِ، وذلكَ مَحْضُ مِنَّتِهِ عليهِ وعلى سائرِ عبادِهِ، وكما أنَّهُ سبحانَهُ المَانُّ بإرسالِ رُسُلِهِ، وبالتوفيقِ لطاعتِهِ وبالإعانةِ عليها، فهوَ المانُّ بِإِعْطَاءِ الجزاءِ، وذلكَ كُلُّهُ مَحْضُ مِنَّتِهِ وفضلِهِ وَجُودِهِ، لا حقَّ لأحدٍ عليهِ بحيثُ إذا وَفَّاهُ إيَّاهُ لمْ يَكُنْ لهُ عليهِ منَّةٌ، فإنْ كانَ في الدنيا باطلٌ، فهذا ليسَ منهُ في شيء .
فإنْ قِيلَ: كيفَ تَقُولونَ هذا وقدْ أَخْبَرَ رسولُهُ عنهُ بأنَّ حقَّ العبادِ عليهِ إذا وَحَّدُوهُ أنْ لا يُعَذِّبَهُم وقدْ أَخْبَرَ عنْ نفسِهِ أنَّ حَقًّا عليهِ نَصْرَ المؤمنينَ؟!
قِيلَ: لَعَمْرُ اللهِ هذا منْ أَعْظَمِ منَّتِهِ على عبادِهِ؛ أنْ جَعَلَ على نفسِهِ حَقًّا بِحُكْمِ وَعْدِهِ الصادقِ: أنْ يُثِيبَهُم ولا يُعَذِّبَهُم إذا عَبَدُوهُ وَوَحَّدُوهُ، فهذا مِنْ تَمَامِ مِنَّتِهِ، فإنَّهُ لوْ عَذَّبَ أهلَ سَمَاواتِهِ وأرضِهِ لَعَذَّبَهُم وهوَ غيرُ ظالمٍ لهم، ولكنَّ مِنَّتَهُ اقْتَضَتْ أنْ أَحَقَّ على نفسِهِ ثوابَ عَابِدِيهِ وإجابةَ سَائِلِيهِ.
مَا للعبادِ عليهِ حقٌّ واجِبُ *** إنْ عُذِّبُوا فَبِعَدْلِهِ أوْ نُعِّمُوا
كَلاَّ ولا سَعْيٌ لَدَيْهِ ضَائِعُ *** فَبِفَضْلِهِ فهوَ الكريمُ الوَاسِعُ)
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .