أسمــــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــــــــــــــــه الحلقـــــــــــــــــــــــــــــــة السادسة والثمانون في موضــــــــــــــــــوع المنـــــــــــــــــــــــــــــــان
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذ
الحلقة السادسة والثمانون في موضوع (المنان) من اسماء الله الحسنى وصفاته والتي هي بعنوان : الدعاء بعد التشهد الأخير قبل السلام :
فالمقصود أنَّ العربَ يقولون ذلك يعني: المنّ لمن يُعطي ابتداءً ولا يرجو عائدةً، يعني: لا على سبيل المكافأة، ولا انتظار أيضًا، يعني: لا يُكافئ أحدًا بعطيَّةٍ، يعني: ما أعطاه مُكافأةً؛ لأنَّه أعطاه سابقًا، ولا يكون ذلك أيضًا لانتظار عائدةٍ من هذا العطاء، فهذا هو المنّ في كلامهم، فهذه صيغة مُبالغة: "منّان" كثير العطاء والإنعام، فالمنّة: نعمة جزيلة، نعمة ثقيلة كما يُقال، نعمة كبيرة، وتقولها العربُ على وجهين، يعني: يستعملون ذلك بإزاء معنيين:
المعنى الأول: هو ما يُعطى ابتداءً، لا على سبيل مُكافأةٍ، ولا لرجاء نفعٍ أو عائدةٍ من هذه العطيَّة، وهذا لا شكَّ أنَّه يكون بالفعل، يعني: يُعطي ويبذل فيغدق بالإنعام، فالله -تبارك وتعالى- يمتنّ على عباده بقوله: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:164]، وكذلك في قوله: كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [النساء:94]، وفي قوله: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ [الصافات:114]، وفي قوله: يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ [إبراهيم:11]، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا [القصص:5]، كلّ هذا إنما هو من فعل الله -تبارك وتعالى-؛ ولذلك مما يدخل في هذا ما جاء في قوله ﷺ: إنَّه ليس من الناس أحدٌ أمنّ عليَّ في نفسه وماله من أبي بكر ابن أبي قُحافة، ولو كنتُ متَّخذًا من الناس خليلاً لاتَّخذتُ أبا بكرٍ خليلاً، ولكن خلّة الإسلام أفضل .
فمعنى قول النبي ﷺ: إنَّ من أمنّ الناس، المقصود به –يعني- أكثر الناس جودًا لنا بنفسه وماله. هذا هو النوع الأول من المنّ، بمعنى ما يكون بالفعل.
النوع الثاني أو المعنى الثاني: ما يكون بالقول، فإذا صدر من الإنسان
كان مُستقبحًا: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ
[الحجرات:17]، وكذلك في قوله -تبارك وتعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى [البقرة:264]، فهذا المنّ لا شكَّ أنَّه من الأمور البغيضة المكروهة، وإنما يكون نقصًا في حقِّ مَن صدر منه، وأذى في حقِّ مَن وُجِّه إليه، وهذا أمرٌ معلومٌ.
والمراد هنا في هذا الحديث "المنان" بهذا الاسم الكريم: هو كثير العطاء والإنعام على عباده، فالمنّ صفةٌ من صفات الله الثابتة، والمنان اسمٌ من أسمائه، كما يدلّ عليه هذا الحديث.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .