أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــه الحلقـــة السادسة والثلاثون بعد المائتين بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والثلاثون بعدالمائتين في موضوع ( الواحد الأحد)  من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*اللهم إني أسألك يالله بأنك الواحد الأحد الصمد..." :

وشيخ الإسلام -رحمه الله- ذكر في كتابه "بيان تلبيس الجهمية" أنَّ هذين الاسمين -يعني: الأحد أو الواحد والصَّمد- يستلزمان سائر أسماء الله الحسنى، وما فيها من التوحيد كلّه: قولاً وعملاً، وأنَّ النبي ﷺ ذكر هذين الاسمين فقال: الله الواحد الصَّمد تعدل ثلثَ القرآن، يعني: سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.

وعلل ذلك شيخُ الإسلام -رحمه الله- بأنَّ كونَه أحدًا وكونه الصَّمد

يتضمّن أنَّه الذي يقصده كلُّ شيءٍ لذاته، ولما يُطلب منه، وأنَّه مُسْتَغْنٍ بنفسه عن كل شيءٍ، وأنَّه بحيث لا يجوز عليه التَّفرق والفناء، وأنَّه لا نظيرَ له في شيءٍ من صفاته، ونحو ذلك مما يُنافي الصَّمدية، وأنَّ هذا يُوجِب أن يكون حيًّا، عالـمًا، قديرًا، ملكًا، قدُّوسًا، سلامًا، مُهيمنًا، عزيزًا، جبَّارًا، مُتكبرًا، يعني: ما يدلّ عليه ذلك بدلالة الالتزام، هذه الأسماء الكريمة مثل: "الأحد والصَّمد" مما يختصّ الله -تبارك وتعالى- به، فلا يصحّ أن يُسمّى به المخلوق، هذه أسماء مختصّة، مثل: الله، ومثل: الرزاق، كما ذكرنا في أواخر ما تكلّمنا عليه من الأسماء الحسنى، وكذلك الخالق، هذا كلّه مما يختصّ به، وكذا الرحمن، وذكر بعضُ أهل العلم: الحكم، إذا لُوحظ فيه الوصف.

فهنا أيضًا قال: "لم يلد، ولم يُولد"، فالنبي ﷺ قال هنا بهذا الحديث، أو الرجل الذي سمعه النبيُّ ﷺ فأقرَّه، قال: "إني أسألك يا الله بأنَّك الواحد، الأحد، الصَّمد، الذي لم يلد ولم يُولد، ولم يكن له كفوًا أحد".

فهنا "لم يلد" يعني: أنَّ الله -تبارك وتعالى- ينفي ما زعمه هؤلاء الذين يفترون عليه الكذب من نسبة الولد له، قالوا: إنَّ عيسى ابن الله. وقال اليهود: إنَّ عُزيرًا ابن الله. وقال المشركون أو بعضُ طوائف المشركين: بأنَّ الملائكة بنات الله.

فهنا نفى ذلك، قال: "لم يلد، ولم يُولد"، فالله -تبارك وتعالى- لم يُولد، لم يسبقه عدمٌ، ومع أنَّه لم يقل أحدٌ من الطَّوائف بأنَّ الله -تبارك وتعالى- قد وُلِدَ، ولكن قال اللهُ ذلك تتميمًا لتفرّده -تبارك وتعالى- عن مُشابهة المخلوقين، وتحقيقًا لكونه ليس كمثله شيءٌ، ولم يكن له كفوًا أحد، والكفو هو المماثل، يعني: أنَّه ليس له مثيلٌ في ذاته، أو شبيهٌ في صفاته، أو نظيرٌ في أفعاله، هذا ما توسّل به هذا السَّائل.

"وأسألك بأنَّك أنت الله"، فهو توسّل إلى الله -تبارك وتعالى- بتوحيده، وشهادة الدَّاعي المتوسّل بأنَّه يُفرده -تبارك

وتعالى- بالوحدانية، وثبوت صفات الكمال.

وقد ذكر الحافظُ ابن القيم -رحمه الله- في "الوابل الصَّيب" في جملة فوائد الذكر، كما ذكرنا في أول الكلام على المقدّمات، من ذلك فوائد الذكر: أنَّ تقديم الذكر بين يدي الدُّعاء يكون من أسباب الاستجابة، فالدُّعاء الذي تقدّمه الذكر والثَّناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدُّعاء المجرد، فإذا انضاف إلى ذلك إخبار العبد بحاله، ومسكنته، وافتقاره، واعترافه بضعفه وعجزه؛ كان ذلك أبلغ في الإجابة، وأفضل؛ فإنَّه يكون قد توسّل بصفات الكمال، وبإحسان الله -تبارك وتعالى- وفضله على عباده، وصرَّح بشدة حاجته وضرورته وفقره ومسكنته، فهذا هو الذي يطلبه المخلوقُ من الخالق، فيذكر أوصافَ الكمال، ويذكر ضعفَه وعجزه ومسكنته؛ فيكون ذلك من دواعي الإجابة.

هذا ما يتعلّق بهذا الذكر أو الدُّعاء، فهو يُقال في آخر الصَّلاة قبل السَّلام، فهذا الرجل سأل الله أن يغفر له ذنوبه، قال: "إنَّك أنت الغفور الرَّحيم"، فجاء بالأسماء المناسبة لهذا المطلوب، وهذا هو اللَّائق، فقال النبيُّ ﷺ: قد غفر له ثلاثًا، يعني: قالها ثلاث مرات.

فمثل هذا يدعو به المؤمنُ في آخر صلاته، ويكون ذلك مظنَّةً للإجابة، إن شاء الله.

[أخرجه أبو داود: باب تفريع أبواب الركوع والسُّجود، باب ما يقول بعد التَّشهد، برقم (985)، والنَّسائي: كتاب السَّهو، باب الدعاء بعد الذكر، برقم (1301)، وأحمد في "المسند"، برقم (18974)، وقال مُحققوه: "إسناده صحيحٌ، رجاله ثقات رجال الصَّحيح، غير أنَّ صحابيه لم يُخرج له سوى البخاري في "الأدب المفرد"، وأبي داود، والنَّسائي".

صححه الألباني في "صحيح أبي داود"، برقم (905).

وأخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب الأذان للمُسافر إذا كانوا جماعةً، والإقامة، وكذلك بعرفة وجمع، وقول المؤذن: الصَّلاة في الرِّحال في الليلة الباردة أو المطيرة، برقم (631).

[ الأنترنت - موقع الشيخ خالد بن عثمان السبت - الدعاء بعد التشهد الأخير قبل السلام "اللهم إني أسألك يالله بأنك الواحد الأحد الصمد..."]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته