أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــه الحلقـــة الخامسة والثلاثون بعد المائتين بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والثلاثون بعدالمائتين في موضوع ( الواحد الأحد)  من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*اللهم إني أسألك يالله بأنك الواحد الأحد الصمد..." :

ومن عبارات أهل العلم الجامعة ما ذكره الشيخُ عبدالرحمن ابن سعدي -رحمه الله-؛ فقد فسَّره بأنَّه الذي توحّد بجميع الكمالات، وتفرّد بكل كمالٍ ومجدٍ وجلالٍ وجمالٍ وحمدٍ وحكمةٍ ورحمةٍ، وغيرها من صفات الكمال، فليس له فيها مثيلٌ، ولا نظيرٌ، ولا مُناسِبٌ بوجهٍ من الوجوه، فهو الأحدُ في حياته، وقيّوميّته، وعلمه، وقُدرته، وعظمته، وجلاله، وجماله، وحمده، وحكمته، ورحمته، وغيرها من صفاته، موصوفٌ بغاية الكمال ونهايته من كلِّ صفةٍ من هذه الصِّفات.

فيجب على العبيد توحيده: عقدًا، وقولاً، وعملاً؛ بأن يعترفوا بكماله المطلق، وتفرُّده بالوحدانية، ويُفردوه بأنواع العبادة، فالله -تبارك وتعالى- هو الواحد الأحد، يعني: الفرد الذي لم يزل وحده، ولم يكن معه آخر، فهو المتفرد في ذاته، وصفاته، وأفعاله، وربوبيته، وإلهيته، لم يلد، ولم يُولد، ولم يكن له كفوًا أحد، كما ذكر الحافظُ ابن القيم -رحمه الله-.

والواحد معناه ظاهرٌ وواضحٌ، والأحد أيضًا بمعنى الواحد، فهو يتضمّن انفراده -تبارك وتعالى- بالتَّوحيد بإلهيته، وربوبيَّته، وأيضًا يكون مُتضمنًا لنفي كلِّ شريكٍ مع الله -تبارك وتعالى-.

فالله هو الفرد الذي قد انفرد في الإلهية، والربوبية، والأسماء والصِّفات.....

"الواحد، الأحد، الصَّمد"، والصَّمد مضى الكلامُ عليه في الكلام على هذا الاسم الكريم في الأسماء الحسنى، وقد تنوّعت فيه عبارات السَّلف، وما قالوه يمكن أن يلتئم فيكون ذلك مُرادًا، فيدخل تحت تفسير هذا الاسم الكريم، ولا إشكالَ في ذلك؛ ولهذا عبَّر عنه الحافظُ ابن القيم -رحمه الله- بعبارةٍ شاملةٍ جمع فيها ما قاله السَّلفُ، أو جمع عامَّته، فذكر: أنَّ الصَّمد مَن تصمد نحوه القلوب بالرغبة والرَّهبة؛ وذلك لكثرة خصال الخير فيه، وكثرة الأوصاف الحميدة له، وأشار إلى قول جمهور السَّلف؛ كعبدالله بن عبَّاس -رضي الله عنهما-، قال: "الصَّمد: السَّيد الذي كمل سُؤدده، فهو العالم الذي كمل علمه، القادر الذي كملت قُدرته، الحكيم الذي كملت حكمته، الرَّحيم الذي كملت رحمته، الجواد الذي كمل جوده".

يقول ابنُ القيم: "ومَن قال: إنَّه الذي لا جوفَ له، كما فسَّره بعض السَّلف، فقوله لا يُناقض هذا التَّفسير؛ فإنَّ اللَّفظ –يعني: الصَّمد- من الاجتماع، فهو الذي اجتمعت فيه صفات الكمال، ولا جوفَ له، فإنما لم يكن أحدٌ كفوًا له لما كان صمدًا كاملاً في صمديَّته".

أمَّا الذي له جوفٌ فإنَّه يكون ناقصًا، وفي هذا الاسم الكريم إثبات كلِّ كمالٍ لله -تبارك وتعالى-، وفي نفي الكفء عن الله -تبارك وتعالى-: وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4] تنزيهٌ عن الشَّبيه والمثال، وفي الأحد نفي كل شريكٍ له ، فهذه كما يقول ابنُ القيم -رحمه الله- في "زاد المعاد"، يقول: "هذه الأصول الثلاثة هي مجامع التوحيد": إثبات جميع صفات الكمال، ونفي النَّظير والشَّبيه والمثال، وكذلك نفي الشُّركاء.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته