أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــه الحلقـــة الخامسة والعشرون بعد المائتين بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والعشرون بعدالمائتين في موضوع ( الواحد الأحد)  من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

الواحد القهار: قال تعالى ﴿یَوۡمَ هُم بَـٰرِزُونَۖ لَا یَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَیۡء لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡیَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَ ⁠حِدِ ٱلۡقَهَّارِ﴾ [غافر ١٦]

قال الله تعالى:﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾[غافر ١٦].

﴿يَوْمَ﴾ هذه بدل من يوم الأولى، ﴿يَوْمَ التَّلَاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ﴾ [غافر ١٥، ١٦].

وقوله: ﴿هُمْ بَارِزُونَ﴾ مبتدأ وخبر، والجملة في محل جر بالإضافة، إضافة يوم إليها.

و﴿بَارِزُونَ﴾ قال المفسر: (خارجون من قبورهم) ولكن المعنى أخص مما قال، بل المعنى: يوم هم بارزون؛ أي: ظاهرون ليس لهم ظل يظلهم؛ لا من شجر ولا حجر، ولا بيت ولا غيره؛ لأن البارز هو الظاهر الذي لا يحجبه دونه شيء، وهم بارزون في ذلك اليوم، وتدنو الشمس منهم مقدار ميل، ويعرق الناس في ذلك اليوم على قدر أعمالهم، منهم من يصل العرق إلى كعبيه،ومنهم من يصل إلى ركبتيه،ومنهم من يصل إلى حقويه،ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا على حسب أعمالهم

و﴿لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ [غافر ١٦] أي: لا يستتر على الله منهم شيء، ولا يغيب عن علمه منهم شيء، بل هو محيط بهم إحاطة تامة، كما أنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء

من قبل ذلك أيضًا؛ لأن الله تعالى محيط بكل شيء علمًا.

لكن قال هنا: ﴿لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾ [غافر ١٦] لأجل تمام التخويف.

﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر ١٦]

﴿لِمَنِ الْمُلْكُ﴾ هذه مقول قول محذوف،التقدير: يقال: لمن الملك اليوم.

والقائل هو الله عز وجل؛ فإنه تعالى يقبض السماوات بيمينه وبيده الأخرى الأرض ويهزهن، ويقول: أنا الملك أين ملوك الدنيا، ويقول أيضًا: لمن الملك اليوم؟ فيجيب نفسه: لله الواحد القهار.

قال: (يقوله تعالى ويجيب نفسه) ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر ١٦] (أي: لخلقه).

فقوله: ﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ خبر مبتدأ محذوف، التقدير: الملك لله الواحد القهار.

والواحد يعني الذي لا ثاني له، لا في ذاته ولا في أفعاله ولا في أحكامه ولا في صفاته سبحانه وتعالى.

وقوله: ﴿الْقَهَّارِ﴾ صيغة مبالغة من القهر، وهو الغلبة، فهو قهار لكل شيء. والمفسر قال: (أي: لخلقه).

* في هذه الآية من الفوائد أولًا: أن الناس يبرزون في يوم القيامة، لا يضلهم شجر ولا مدر ولا بناء ولا جبل ولا غير ذلك؛ لقوله: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ﴾ [غافر ١٦].

* ومن فوائد هذه الآية: أنهم في ذلك اليوم لا يخفى على الله منهم

شيء؛ لأنه محيط بهم علمًا وقدرة وسلطانًا.

فإن قال قائل: هل يُستثنى من قوله: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ﴾ أحد؟

قلنا: نعم، يُستثنى من يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهم سبعة، بل هم أكثر، بلغوا إلى واحد وعشرين رجلًا، لكن النبي ﷺ جمع سبعة في سياق واحد.

طيب، يُستثنى من ذلك مَن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وقد جمع النبي عليه الصلاة والسلام منهم سبعة في حديث واحد، وهو حديث مشهور معروف: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ؛ إِمَامٌ عَادِلٌ»[ متفق عليه؛ البخاري (٦٦٠)، ومسلم (١٠٣١ / ٩١) من حديث أبي هريرة ] إلى آخره.

* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الملك، بل جميع الأملاك تتلاشى في ذلك اليوم، فلا فرق فيه بين مالك ومملوك، وسيد ومسود، وحر وعبد، وذكر وأنثى، ليس لأحد في ذلك اليوم ملك، ولهذا قال:﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ فيقول: ﴿لِلَّهِ﴾ [غافر ١٦].

* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من أسماء الله الواحد، والواحد هو المتفرد الذي لا ثاني له، قال الله تعالى:

﴿لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [النحل ٥١].

* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من أسماء الله القهار؛ لقوله: ﴿الْقَهَّارِ﴾ [غافر ١٦].

* ومن فوائدها: إثبات صفتين من صفات الله، دل عليهما قوله: ﴿الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر ١٦] الصفة الواحد، وفي القهار القهر.

ويترتب على ذلك من الناحية المسلكية: أن الإنسان إذا اعتقد

بأن الله سبحانه وتعالى واحد لم يلتفت إلى أحد سواه، وإذا اعتقد أن الله قهار خاف من قهره، واستعان بقهره على عدوه، فيستفيد من هذه العقيدة أن يخاف من قهر الله، وأن يستعين بقهر الله على عدو الله وعدوه.

[ الأنترنت - موقع تفسير ابن عثيمين - ﴿یَوۡمَ هُم بَـٰرِزُونَۖ لَا یَخۡفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنۡهُمۡ شَیۡء لِّمَنِ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡیَوۡمَۖ لِلَّهِ ٱلۡوَ ⁠حِدِ ٱلۡقَهَّارِ﴾

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته