أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــه الحلقـــة الرابعة والعشرون بعد المائتين بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والعشرون بعدالمائتين في موضوع ( الواحد الأحد)  من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*صِيَغ التوحيد والإخلاص كما جاءت في القرآن الكريم :

جاءت صِيَغ التوحيد في القرآن الكريم أربعاً :

1 - وحده : { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا } ( الإسراء : 46 ) .

2 - واحد :{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}(البقرة :163)

3 - واحداً : { وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا } ( التوبة : 31 )

4 - أحد : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ( الإخلاص : 1 )

كما جاءت صيَغ الإخلاص في الكتاب العزيز أيضاً متعددة :

1 - مخلصاً : { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ } ( الزمر : 2 ) .

2 - الخالص { أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِصُ } ( الزمر : 3 ) .

3 - مخلصون : { وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } (

البقرة :139 ) .

4 - مخلصين : { هُوَ الحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ } ( غافر : 65 ) .

الفرق بين التوحيد والإخلاص :

التوحيد : التوحيد متعلق بألوهية الله - عز وجلّ - وربوبيته وأسمائه وصفاته وحده لا شريك له ، وهذا الإفراد في الاعتقاد والخبر نوعان :

الأول : إثبات مباينة الرب - تعالى - للمخلوقات وعلوِّه فوق سبع سماوات واستوائه على عرشه كما يليق بجلاله ، وفق ما جاءت به الكتب المنزلة وأخبرت به جميع الرسل .

والثاني : إفراده - سبحانه - بصفات الكمال وإثباتها له على وجه التفصيل ، كما أثبتها لنفسه وأثبتها له رسله ؛ منزَّهة عن التكييف والتحريف والتعطيل والتمثيل  .

وقد أفرد الإمام الكبير أبو عبد الله البخاري حيِّزاً للتوحيد في جامعه الصحيح سماه : ( كتاب التوحيد ) ، وجاء في الباب الأول : « باب ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى »  .

الإخلاص : أما الإخلاص فمتعلق بالعبد ؛ إذ لا يصلح إيمانه ولا تصلح عبادته إلا به .

ولذلك نجد الخطاب في القرآن الكريم موجَّهاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بصفته قدوة للمؤمنين وأسوة لهم ، يدعوه أن يعبد الله وحده بلا شريك ، ويدعو الخلق إلى ذلك ، ويعلمهم أنه لا تصلح العبادة إلا بالإخلاص لله - تعالى - : { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ } ( الزمر : 2 ) .

وفي الآية الكريمة التي تليها قال الله عز وجل : { أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِصُ } ( الزمر : 3 ) ، أي : لا يقبل من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله وحده لا شريك له  .

وفي السورة الكريمة نفسها ؛ أمر الله - جل ذكره - نبيَّه الكريم بالإخلاص المحض في العبادة : { قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ } ( الزمر : 11 ) .

وفي السياق ذاته يأتي منطوق الآيتين الكريمتين ( 14 ، 15 ) ؛ ليؤكد أمر إخلاص العبادة لله تعالى ؛ مهدِّداً ومتوعداً من يتبع هواه في العبادة : { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ } ( الزمر : 14-15 ) .

ولذلك سميت هذه السورة الكريمة ( سورة الزمر ) بسورة الإخلاص الكبرى  ، لِما جاء فيها من تأكيد على إخلاص العبادة لله وحده ، ونبذ الأنداد ، وترك الرياء والسمعة ، واستفراغ الجهد في الطاعة ظاهرة وباطنةً ، وأن يكون قصد العبد هو الله - تعالى - وحده لا شريك له .

الخلاصة :

وهكذا ، فإن التوحيد قاعدةُ تصوُّرٍ ومعرفةٌ لله - سبحانه وتعالى - في ذاته وأفعاله وصفاته ، وأنه ليس كمثله شيء .

وهذه المعرفة تجعل الإنسان صاحب تصوُّرٍ صحيح ودقيق عن

الخالق ، بحيث يعرف ربه وخالقه المعرفة الصحيحة ، وأن أصدق مصدر لهذه المعرفة هو الخالق نفسه .

ولهذا ينبغي التقيّد بما وصف به الرب - جلّ ثناؤه - نفْسَه من الصفات ، وسمَّى نفسه من الأسماء ؛ ليكون المؤمن صاحب معرفة صحيحة ودقيقة في توحيد الخالق جل وعلا ، فتكون معاملته للخالق - سبحانه - على الوجه الصحيح والمطلوب في الإثبات والمعرفة ، وفي الإرادة والقصد ؛ فيجرِّد العبادة له : حبّاً ، وتعظيماً ، وخوفاً ، ورجاءً ، وصِدقاً ، وإخلاصاً ، وإنابة ، وإخباتاً ، وتوكلاً ، واستعانة .

أما الإخلاص فعمل قلبي محض تنعكس آثاره على الجوارح ، وهو روح الأعمال ؛ إذ نسبته للعمل كالروح للجسد .

وعلى قدر ما يحقق العبد الإخلاص في اعتقاده وعمله يكون ترقّيه في سلك المخلصين .

وعلى هذا النحو ، ينبغي التفريق بين مصطلح التوحيد ومصطلح الإخلاص ؛ لأن الدلالات تختلف والعلاقات تتشابك

؛ فالتوحيد إفراد لله - تعالى – بالربوبية والألوهية وصفات الكمال ونعوت الجلال ، والإخلاص هو روح الأعمال بالنسبة للعباد ، وهو الفرقان بين التوحيد والشرك[الأنترنت - موقع مجلة البيان- العبودية بين التوحيد والإخلاص- أ.د.محمد أمحزون]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته