أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الخامسة عشرة بعد المائتين بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة عشرة بعدالمائتين في موضوع ( الواحد الأحد)  من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

مسألة تقسيم التَّوحيد :

مسألة تقسيم التوَّحيد: هل هي مسألةٌ فنيةٌ،أم أنَّها مسألة منصوص عليها في القرآن والسُّنَّة؟ هذه مسألة فنية، فيمكن لا يوجد نص مذكور فيه، وتوحيد الله: توحيد الرُّبوبية، توحيد الألوهية، توحيد الأسماء والصفات، أو توحيد القول وتوحيد العمل، أو توحيد القلب وتوحيد الجوارح، أو توحيد الله بأفعاله، وتوحيد الله بأفعال العباد، إذاً هذه التَّقسيمات: هي تقسيمات فنية مأخوذة من النَّصوص، يعني: العلماء نظروا في النُّصوص فأخذوا أقسام التوحيد لتسهيل فهمه فقط، لا يوجد نص ملزمٌ لنا أنَّ نُقَسِّم التَّوحيد بطريقة معينة.

فإذاً: لو قال قائل: أنتم ابتدعتم، كما قال بعض الجَهلة، قال: أنتم يامَن تَنتسبون للسَّلف أنتم مبتدعة، لأنَّكم قسَّمتم التوحيد إلى أقسام ثلاثة، أين الدليل على ذلك؟ نقول: عندنا تقسيم أربعة، وتقسيم اثنين، وتقسيم ثلاثة، بل عندنا أكثر من تقسيم إذا أردت، فمسألة التَّقسيم للتفهيم وليس تقسيم بنص، فلا يمكن الخروج عنه، ولا تغييره، فهذه مسألة لا بُّد من فهمها؛ لأنَّ بعض هؤلاء المبتدعة قد هاجموا أهل السُّنَّة، وكثُر الكلام أيضاً في هذا العصر كما في كتابات الضَّال حسن السَّقاف في قضية تبديع أهل السُّنَّة في مسألة التَّقسيم، هم يقولون هذا التقسيم: تقسيمٌ فنيٌ لأجل أن تُفهم القضية.

إذاً اعتقاد أنَّ الله واحد، ونُوحِّده  بأسمائه وصفاته وأفعاله، ونوحِّده بأفعالنا، فالخُلاصة: نوحِّد الله بأفعاله أنه هو فقط الذي يرزق، والذي يحيِّي ويُميت، وهو الذي ينزل الغيث بأفعاله، ونُوحِّده بأفعالنا أن صلاتنا لله، واستغاثتنا بالله، وكذلك سائر أنواع العبادات: الدعاء، والنَّذر، والصِّيام ونحو ذلك، هذه خلاصة التوحيد، فتقسيمه إذاً باعتبارات لأجل الشَّرع فحسب.

الخُلاصة في تعريف التَّوحيد :

خلاصة تعريف التّوحيد: هو: إفراد الله بأفعاله وأسمائه وصفاته وحقوقه، -حقوقه أعمالنا نحن- هذا هو عند أهل السنة والجماعة، ولهذا بُعثت وأُرسلت الرُّسل، وأنزِلت الكُتب، ولهذا جُرِّدت السَّيوف للجهاد، وأُمر الأنبياء أن يقاتلوا المخالفين، كلُّ ذلك لأجل إفراد الله بهذه الأمور، وأنَّ لا يكون له فيها شريك، فكلُّ الدُّنيا خُلِقت لأجلها والسَّموات والأرض، ونُعادي ونُوالي من أجلها، فإذاً هذه  الحقيقة إفراد الله بهذه الأمور، وعليها نحيا وعليها نموت وعليها نبعث وعليها نحاسب، وما خَلَق الله السَّموات والأرض إلا لأجل تحقيق إفراده  بهذه الأمور، وهي خلاصة الدِّين كُلّه، والقرآن من أوله إلى آخره توحيد، إما بيان أسمائه وصفاته وأفعاله وحقوقه، ومن حقوقه أن نقوم بالأوامر والنواهي، وبيانُ جزاء أوليائه، ومَن وحدَه، التي هي الجنَّة، وبيان عقوبة من أشرك وخالف وعصى،

وهو عذاب أهل النَّار، فكل القرآن يدور على هذه الأشياء.

مفهوم التَّوحيد عند الفِرق المنحرفة :

أما مفهوم التَّوحيد عند المخالفين؛ فإنَّ البشرية قد ضلَّت في التَّوحيد ضلالاً بعيدا.

مفهوم التَّوحيد عند الفلاسفة :

فذهب الفلاسفة كابن سيناء وأرسطوا وأتباعهما إلى أنَّه إثبات وجود الله مجرَّد عن الصفات، إذا سألتهم ما هو توحيد الله؟ قالوا: أن نثبت وجوده، فهذا هو التَّوحيد عند ابن سيناء الذي يتقدم المسلمون اليوم في الطِّب على يديه، ليس إلا تخلف؛ لأن ابن سيناء ممن ضلَّ في التَّوحيد ضلالاً بعيد، أحياناً يقال: من أعلام المسلمين في الطب، أو في الرياضيات، ويأتون بأمثلة، أناسٌ قد لا يكونوا مسلمين، يقول ابن سيناء: إنَّ التَّوحيد إثبات وجود مطلق، ومن المعلوم أنَّ هذا الإثبات يساوي نفي الوجود؛ لأنه لا يُتَصوَّر ذات مجردة عن الأسماء والصفات، فإذا قال قائل: إنَّ الله ليس له أسماء ولا صفات، نثبت وجوده، فنقول: كأنَّك أثبتَّ عدمه؛ لأنك إذا نفيت الأسماء والصفات، وقلت: لا يد ولا سمع ولا بصر ولا حياة، تصف الحياة لا، ولا يحب ويرضى، إذاً أنت تَصِفُ وتثبت عدماً في الحقيقة، ولذلك قال ابن القيم في هؤلاء الذين يثبتون ذاتاً مجرَّدة عن الأسماء والصفات: "فتوحيد هؤلاء هو غاية الإلحاد والجحد والكفر"[ مدارج السالكين: 3/447].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته