أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الرابعة والتسعــون بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والتسعون بعد المائة في موضوع(الواحدالأحد)

من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*الآيات الكونية الدالة على وجود الله وعلى وحدانيته ورحمته جل وعلا :

والآية السابعة: تسخير السحاب المسخر بين السماء والأرض، هذا الغيم المذلل المسحوب في الأجواء لإنزال المطر في مختلف البلاد والبقاع، فالإمعان في تسخير هذا السحاب في الفضاء وفي حمله الماء الكثير على خفته ولطافته، ثم في إمساكه بهذا الماء الكثير الثقيل بين السماء والأرض يدل المتمعن في هذا كله على وجود ممسكه واتصافه بصفات الكمال من العلم والقدرة والإرادة والحكمة والرحمة زيادة على وحدانيته سبحانه وتعالى.

وقد ذكر الله السحاب بعد ذكره تصريف الرياح؛ لأنها هي التي تثيره وتحمله، وهي التي تسوقه بإذن الله إلى حيث يشاء الله ان تمطره عليه، وهي التي تفرق شمله أحياناً إذا شاء الله منع المطر عن أرض أو قوم، كما ذكرالله آية تصريف الرياح بعد آيته في المطر للتناسب بينهما وللتذكير بالسبب، فإن الرياح هي التي تثير السحاب، وتسوقه إلى حيث يتكامل تلقيحه للماء، ولم يذكر الله السحاب المسخر عند ذكر الماء، مع أنه سببه المباشر ليرشدنا إلى أنه في نفسه آية مستقلة فإنه يتكون بنظام من سنة الله في تكوينه، ويعترض بين السماء والأرض، بتدبير منظم من الله، وقدرة تمسكه مع ما فيه من الماء الثقيل، فهو في ظاهره آية تدهش الناظرين المتفكرين في السنن الإلهية في اجتماع الأجسام اللطيفة وافتراقها وعلوها وهبوطها مما يسميه الكفرة "بالجاذبية" ونحن نقول لهم: من خلق الجاذبية، وجعل بعضها جاذبية الثقل وبعضها جاذبية الملاصقة،وبعضها جاذبية عامة، غير الله سبحانه؟ فإن سميتم التماسك الجاري في جميع الأجواء "جاذبية" أو بسبب "الجاذبية" فمن الذي سخرها للجذب والإمساك، بل من الذي خلقها؟ هل خلقتها الطبيعة العمياء؟ فهل فاقد الشيء يعطيه؟ هل يكن للطبيعة العمياء تصريف في الأكوان؟ والذي يمسك السموات والأرض من الزوال هو الله، والذي يمسك جميع الأجرام العلوية فيما بين السماء والأرض، ويحفظها من السقوط هو الله، والذي يمسك الطير المسخرات بين السماء والأرض هو الله، والذي يمسك السحاب المسخر بينهما هو الله، سواء خلق له بقدرته وإرادته سبحانه "جاذبية" كيفما يشاء أو لم يخلق ذلك فالقول "بالجاذبية" لا يضر مع اعتقاد كونها من صنع الله وتقديره، أما على رأي الملاحدة الكفرة الذي يريدون نسبة كل شيء إلى سبب ومؤثر غير الله، فالقول به كفر؛ لأنه من أعظم أنواع الإشراك والتعطيل.

وفي تنصيص الله بهذه الآية الكريمة على اختلاف الليل والنهار وإنزال المطر وتصريف الرياح، تنبيه عظيم إلى جزيل نعمته وواسع رحمته في تعميمه لخلقه، وعلى الأخص الناس وما يحتاجون إليه من النور والحرارة والهواء والماء،فإن هذه الحاجيات الضرورية أغلى بحاجتها من الذهب والفضة وثمن الجواهر، وقد جعلها الله ميسورة لا محتكرة، بل مشاعة لجميع الناس، لشدة افتقارهم وعدم صبرهم عنها بتاتاً، فتيسيرها من الله لعباده أعظم منة يجب عليهم شكرها شكراً عملياً، كما يجب التعقل والتفهم لآلاء الله وآياته. ولهذا ختم الله هذه الآية الكونية بقوله ﴿ لآيات لقوم يعقلون ﴾ لأن المستعملين لعقولهم هم الذين ينظرون في السبب والمسبب، ويدركون حكم آيات الله وأسراراها،ويميزون بين منافعها ومضارها، ويستدلون بما فيه من الإتقان والإحكام على قدرة مبدعها وحكمته سبحانه وتعالى، وعلى عظيم فضله وسعة رحمته واستحقاقه العبادة دون غيره كائناً من كان.

أليس من اللؤم القبيح بالعباد أن يسكنوا أرض الله ويستعمروها ويرتعوا فيها برزقه المتنوع وهم يستعينون بذلك على معاصيه ويطلبون به مساخطه فما أحلمه من إله كريم رءوف رحيم.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته