أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة التاسعة والأربعون بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة التاسعة والأربعون بعد المائة في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :
*أهمية التوحيد وثمراته :
17- التوحيد سببٌ في حلول البركة:
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96]، لمَّا ذكر - تعالى - أنَّ المكذِّبين للرسل يبتلون بالضَّرَّاء موعظة وإنذارًا، وبالسَّرَّاء استدراجًا ومكرًا، ذكر أن أهل القرى لو آمنوا بقلوبهم إيمانًا صادقًا صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى اللّه - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرِّم الله - لفتح عليهم بركات السماء والأرض، فأرسل السماء عليهم مدرارًا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمُهم، في أخصب عيش وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نَصَب، ولكنَّهم لم يؤمنوا ويتقوا: ﴿ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ بالعقوبات والبلايا ونزع البركات، وكثرة الآفات، وهي بعض جزاء أعمالهم، وإلاَّ فلو آخذهم بجميع ما كسبوا، ما ترك عليها من دابة: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم : 41].
18- التوحيد أول ما يسأل عنه العبد في قبره:
﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27]، "وهذه الآية نصُّها في عذاب القبر بصريح الأحاديث، وباتِّفاق أئمة التفسير من الصحابة فالتابعين فمن بعدهم، وأن المراد بالتثبيت هو عند السؤال في القبر حقيقة".
"والقول الثابت: هو التوحيد؛ كما قال الله - تعالى -: ﴿ أَلَمْ تَرَ
كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ
وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 24]".
19- التوحيد شرطٌ في الشفاعة:
﴿ يَوْمَئِذٍ لاَ تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ﴾ [طه: 109]، والله لا يرتضي إلاَّ التوحيد؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أسعد الناس بشفاعتي مَن قال: لا إله إلا الله، خالصًا من قلبه))".
"فأَخْبَرَ - سبحانه - أن الشَّفاعة كلَّها له، وأنه لا يشفع عنده أحدٌ إلاَّ مَن أَذِن الله - تعالى - أن يشفع له فيه، ورَضِي قولَه وعمله، وهم أَهْلُ التَّوحيد الذين لم يتَّخِذُوا من دون الله شُفَعاء، فإنَّه - سبحانه وتعالى - يَأذَن في الشفاعة فيهم لِمَن يشاء، حيث لم يتَّخذوهم شُفَعاء مِن دونه، فيكون أَسعد النَّاس بشَفاعته مَن يَأذَن الله - تعالى - لَه صاحب التَّوحيد الذي لم يتَّخذ شَفِيعًا مِن دونِ الله، والشَّفاعةُ التي أَثْبتَهَا اللَّهُ - تعالى – ورسولُه - صلى الله عليه وسلم - هي الشَّفاعة الصَّادرة عن إذنه لمن وحده".
20- التوحيد شرطٌ في دخول الجنة والنجاة من الخلود في النار:
﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72]، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ومَن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار)).
"كل هذا لتحقيق التوحيد الذي هو أصلُ الدين ورأسُه، الذي لا
يقبل الله عملاً إلاَّ به، ويغفر لصاحبه ولا يغفر لِمَن تركه... فاعلموا أنه لا صلاح للعباد ولا فلاح ولا نجاح، ولا حياة طيبة ولا سعادة في الدارين، ولا نجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة - إلا بمعرفة أوَّل مفروض عليهم والعمل به؛ وهو الأمر الذي خلقهم الله - عز وجل - له، وأخذ عليهم الميثاق به، وأرسل به رسله إليهم، وأنزل به كتبه عليهم، ولأجله خُلِقت الدنيا والآخرة، والجنة والنار، وبه حقَّت الحاقَّة ووقعت الواقعة، وفي شأنه تُنْصَب الموازين وتتطاير الصحف، وفيه تكون الشقاوة والسعادة، وعلى حسب ذلك تُقَسَّم الأنوار: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40]، وذلك الأمر هو معرفة الله - عز وجل - بإلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته وتوحيده بذلك..."
فيا مَن مَنَّ اللهُ عليه بمعرفة التوحيد، اشكر ربك ومولاك بما مَنَّ بِه عليك واصطفاك، وأدِّ حقَّها بنسبة الفضل لصاحب الفضل - سبحانه وتعالى - فلولاه ما اهتدينا ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا، ثم حافظ عليها بإخلاص القول والعمل في السر والعلن، ثم الدعوة للتوحيد الخالص على منهاج النبي - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]، والصبر على الأذى فيه كما قال ورقة بن نوفل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "لم يأتِ رجلٌ قطُّ بمثل ما جئتَ به إلا عودي"، فاجعل من الصبر لك زادًا؛ فالطريق طويل والعقبة كَؤود، أسأل الله أن يجعلنا من دعاة التوحيد وأنصاره. [ الأنترنت - موقع الألوكة - أهمية التوحيد وثمراته - أبو مريم محمد الجريتلي ]
إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته