أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة السادسة والأربعون بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السادسة والأربعون بعد المائة في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*أهمية التوحيد وثمراته :

وقوله - تعالى -: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55]؛ أي: فمَن خرج عن طاعتي بعد ذلك فقد خرج عن أمر ربه، وكفى بذلك ذنبًا عظيمًا، فالصحابة - رضي الله عنهم - لمَّا كانوا أقوم الناس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بأوامر الله - عز وجل - وأطوعهم لله - كان نصرهم بحسبهم أظهروا كلمة الله في المشارق والمغارب، وأيَّدهم تأييدًا عظيمًا، وحكموا في سائر العباد والبلاد، ولمَّا قصَّر الناس بعدهم في بعض الأوامر نقص ظهورهم بحسبهم، ولكن قد ثبت في الصحيحين من غير وجهٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا تزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرُّهم مَن خذلهم ولا مَن خالفهم إلى يوم القيامة))، وفي رواية: ((حتى يأتي أمر الله وهم كذلك))، وفي رواية: ((حتى يقاتلوا الدجال))، وفي رواية: ((حتى ينزل عيسى ابن مريم وهم ظاهرون))، وكلُّ هذه الروايات صحيحة، ولا تعارُض بينها".

"وقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]، فهم منصورون،

والعاقبة لهم، ولكن لا بُدَّ قبل النصر من معاناة وتعب وجهاد؛ لأن النصر يقتضي منصورًا ومنصورًا عليه؛ إذًا فلا بُدَّ من مغالبة، ولا بُدَّ من محنة، ولكن كما قال ابن القيم:

وَالْحَقُّ مَنْصُورٌ وَمُمْتَحَنٌ فَلاَ ♦♦♦ تَعْجَبْ فَهَذِي سُنَّةُ الرَّحْمَنِ

فلا يلحقك العجز والكسل إذا رأيت أن الأمور لم تتمَّ لك بأول

مرة، بل اصبر، وكرِّر مرَّة بعد أخرى، واصبر على ما يقال فيك

من استهزاء وسخرية؛ لأن أعداء الدين كثيرون.

ولا يثني عزمك أن ترى نفسك وحيدًا في الميدان، فأنت الجماعة وإن كنت واحدًا ما دمت على الحق، ولهذا ثِقْ بأنك منصور؛ إمَّا في الدنيا، وإمَّا في الآخرة".

10- التوحيد شرط في الأمن والاهتداء:

قال - تعالى -: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 151].

"بشَّرهم بأنه سيلقي في قلوب أعدائهم الخوف منهم والذلَّة لهم؛ بسبب كفرهم وشركهم، مع ما ادَّخره لهم في الدار الآخرة من العذاب والنكال... وقد ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبدالله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أُعطِيت خمسًا لم يعطهن أحدٌ من الأنبياء قبلي: نُصِرْتُ بالرُّعب مسيرة شهر، وجُعِلَتْ لي الأرض مسجدًا وطَهُورًا، وأُحِلَّت لي الغنائم، وأُعْطِيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصَّة وبعثت إلى الناس عامة)).

"﴿ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ﴾؛ يعني: بشركهم بالله وعبادتهم الأصنام، وطاعتهم الشيطان التي لم أجعل لهم بها حجة - وهي السلطان - التي أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه لم ينزله بكفرهم وشركهم، وهذا وعدٌ من الله - جلَّ ثناؤه - أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنصر على أعدائهم... ما استقاموا على عهده، وتمسكوا بطاعته".

﴿ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾؛ أي: ذلك بسبب ما

اتَّخذوا من دونه من الأنداد والأصنام التي اتَّخذوها على حسب أهوائهم وإراداتهم الفاسدة من غير حُجَّة ولا برهان، وانقطعوا من ولاية الواحد الرحمن، فمن ثمَّ كان المشرك مرعوبًا من المؤمنين، لا يعتمد على ركن وثيق، وليس له ملجأ عند كل شدَّة وضيق، هذا حاله في الدنيا،وأمَّا في الآخرة فأشدُّ وأعظم؛ ولهذا قال: ﴿ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ﴾؛ أي: مستقرُّهم الذي يأوون إليه، وليس لهم عنها خروج؛ ﴿ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ﴾ بسبب ظلمهم وعدوانهم صارت النار مثواهم".

وقال - سبحانه -: ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 81- 82]؛ يعني: صدقوا ووحَّدوا، ﴿ وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾؛ أي: شرك، إذ هو الظلم الذي لا يغفره الله - عز وجل - وفي "الصحيح"، عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنهم - قال: "لما نزلت: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ [آل عمران: 151] قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّنا لم يظلم نفسه؟! فأنزل الله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13]".

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته