أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الخامسة والعشرون بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والعشرون بعد المائة في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*آيات تدل على وحدانية الله في القرآن الكريم :

ولنا مع هذه الآيات وقفات عدة ، نوضحها فيما يلي :

5- خَلَق الله (جل ثناؤه) الدنيا داراً للابتلاء ، فوفّر فيها كلّ شروط الابتلاء ، ومن ثم : فإنه حيث يكون أمام المرء مجال للاختيار ، يكون في الحقيقة منغمساً في حالة ابتلاء ، سواء أأخذ بأحد الخيارات ، أو ظل عاطلاً عن اتخاذ قرار .

كثيراً ما تتيح ظاهرة (الزوجية) مجالات للاختيار والابتلاء ، وكثيراً ما يجد الإنسان نفسه مأموراً بالتوازن الدقيق في التعامل مع الظواهر الزوجية ؛ لأن الإخلال به يعني خروجاً عن المنهج الرباني ، وقد يعني ظلماً للنفس أو تفويت مصلحة كبرى .

وحتى يكون الابتلاء تامّاً ، فإن الله (جل وعلا) قد فطر

الإنسان على قابلية قوية للانجذاب نحو أحد المتقابلات وإهمال غيره ؛ مما يجعلني أذهب إلى أن الإخلال بالتوازن المطلوب في هذه المسألة ، يكاد يكون أصلاً !

ومن هنا : فإن الموقف الصحيح كثيراً ما يتطلب نوعاً عالياً من اليقظة الفكرية والشعورية ، وإلا : فما أسهل الانحراف إلى طرف على حساب طرف آخر !

عند تقليب النظر في واقعنا التاريخي ، وواقعنا المعيش ، نجد أن عدم إقامة التوازن بين الأشياء المتزاوجة كان سبباً لانحرافات كثيرة ، إذكثيراً مانرى جماعة تهتم بالفكروالتنظيرورسم الخطط والتحليل السياسي ،لكنها تهمل جانب الروح والأخلاق ، وجانب السلوك ؛ مما جعلها فقيرة في جنود التنفيذ وأرباب الهمم العالية ، وجعلها بالتالي قليلة العطاء والتضحية ! .. ونجد في المقابل : جماعات تركز على مسائل صفاء القلوب وحسن السلوك ، لكنك لا تجد عندها أدنى وعي بأدب الوقت ومتطلبات العصر ، وقد يكون عدد أتباعها عشرات الألوف ، ثم إنك لا تعثر فيهم على مفكر واحد مرموق ! ،وكثيراً ما يقودها ذلك إلى أن تكون ألعوبة في يد القوى المتنفذة ، مما يدفعها إلى حتفها ويجعل ضررها لا يقل عن نفعها ! .

في الماضي البعيد قامت مزاوجة في بنية التربية والتعليم بين علوم الشريعة والعلوم الحياتية والكونية ، وقد أنجب ذلك الاقتران حضارة إسلامية زاهية باهرة ، ثم أخذت علوم الحياة تنسحب من المناهج والحلق الدراسية شيئاً فشيئاً ، حتى جهلت الأمة أبجديات المعرفة في الطبيعة والكون والصناعة ، ووصلت إلى الحضيض ، واليوم ترتكب الأمة الخطأ نفسه على نحو معكوس ، حيث تَرَاجع نصيب العلوم الشرعية في المناهج الدراسية في أكثر البلدان الإسلامية ، كما تراجعت المفردات القيمية والأخلاقية في لغة التربية والإعلام ، وكان حصاد ذلك : أعداداً كبيرة من البشر تحيط بالكثير من المعارف المختلفة ، لكنها تجهل بدهيات وأساسيات في عباداتها ومعاملاتها ! ، وصار لدينا اليوم كمّ هائل من المفردات التي تحث على النشاط والفاعلية والنجاح والتنظيم وحيازة الثروة وتحقيق الذات .. على حين تنوسيت المفردات التي تغرس أخلاق الصلاح والاستقامة والبعد عن الحرام ، والإقبال على الآخرة .. ولا بد أن الناس بدؤوا يشعرون بعواقب هذا الخلل من خلال انتشار اللصوصية وهي أصناف ، والرشوة ، والشره المادي ، والأنانية ، والانغماس في الشهوات ، وقطع الأرحام ، ونسيان الله والدار الآخرة .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته