أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الرابعة والعشرون بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والعشرون بعد المائة في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*آيات تدل على وحدانية الله في القرآن الكريم :

ولنا مع هذه الآيات وقفات عدة ، نوضحها فيما يلي :

4- إن قاعدة اللقاء في ظاهرة الزوجية الكونية هي التخالف ، وليست التوافق ، فاللقاء الخصب المنجب يجب أن يتم بين متخالفين ومتباينين ، ومن ثم : فإن العلاقة بين الرجل والمرأة تقوم على التخالف ، على المستويات العضوية والعقلية والنفسية ، وهذا التخالف هو الشرط الأساس لوجود ظاهرة (التكامل) والتعاون ، حيث يظهر لكل واحد من الزوجين : أن كمال البنية المشتركة بينهما وهو الأسرة لا يأتي من أيٍّ منهما على انفراد ، وإنما من خلال اللقاء الإيجابي بينهما ، وتكميل أحدهما للآخر .

ليس إدراك التكامل في ظاهرة الزوجية في الخلق متيسرَ الإدراك واللمس في كل وقت ؛ إذ كثيراً ما تتغلب علينا النظرة الأحادية ، فنتعامل مع الأشياء على أنها عناصر مفردة ، ونغفل عن كونها عناصر في تراكيب أعم !

ولنضرب لذلك بعض الأمثلة :

أ - إن تضخم الجانب العاطفي لدى المرأة على النحو المعروف يُنظر إليه عادة على أنه الحلقة الأضعف في تركيبها النفسي ، كما أننا ننظر النظرة نفسها إلى ما نحسّه من تضخم (عقلانية) الرجل وبرودة عواطفه .

فإذا نظرنا إلى كل منهما على أنه طرف في تركيب واحد هو الأسرة أدركنا أن ما حسبناه نقصاً هو في الحقيقة مظهر كمال ، وعامل توازن وانسجام ، إذ إن طبيعة وظيفة المرأة في رعاية الأطفال ذوي الشفافية والرهافة المطلقة .. تتطلب مشاعر وعواطف كالتي عند المرأة ، وطبيعة وظيفة الرجل في قيادة الأسرة ، ومعاناة طلب الرزق،وخوض المواقف الصعبة .. تتطلب من قوة الشكيمة وتماسك الشخصية كالذي نجده عند الرجل .

إن دعاة تحرير المرأة لم ينظروا هذه النظرة ، فدفعوها إلى المطالبة بالمساواة مع الرجل ، وأدى ذلك إلى الإخلال بالتوازن

الأسري ، وكثرت حوادث الطلاق ، وكُلِّفت المرأة بالقيام بأعمال لا يتحملها تكوينها ولا جملتها العصبيّة ، والأخطر من

ذلك : انتشار مظاهر الشذوذ واستغناء النساء بالنساء ! !

ب- إننا كثيراً ما نصوِّر (القلق) على أنه مرض نفسي ، وهو كذلك عندما يتجاوز حدوداً معيّنة ، لكن حين نتذكر أن الطمأنينة كثيراً ما تكون زائفة ومبنية على معطيات موهومة ، وهي حينئذ أخطر من القلق وأشد فتكاً بوجود الإنسان ، ولذا : فإن بعض صور القلق ولا سيما (القلق المعرفي) تكون ضرورية لتوازن الشخصية ، وللوعي بالمصير وتدارك الأخطار قبل فوات الأوان .

ج- إذا نظرنا نظرة أحادية إلى ثبات المبادئ والتشبث الشديد بها ، فسوف نراه جموداً وعائقاً في سبيل التطور ، وربما دفع ذلك ببعض الناس إلى التفريط بها أو إلى الثورة عليها .

وإذا نظرنا إلى (التطور) على أنه مجموعة من التغيرات المستقلة ، فسوف نراه (تفلتاً) وطيشاً وخيانة للأصالة ...

ولكن حين نسلك كلاً من الثبات والتطور في ظاهرة (الزوجية) الكونية ، فسوف يتبين لنا أن ثبات الأصول والمبادئ والنواميس ليس جموداً ولا عائقاً للتغير المطلوب ، وإنما هو سمة أساسية لطبيعتها ؛ إذ لا يستطيع المبدأ أداء وظيفته إلا من خلال ثبوته واستمراره ، كما أننا سنجد أن جمود المبادئ شرط أساس لجعل التطور ذا معنى ،ولإبقائه تحت السيطرة ،وفي الاتجاه الصحيح .

والتطور في الأدوات والأساليب والخطط والأشكال ليس تفلتاً ، بل إنه ضروري للمحافظة على المبدأ والجوهر والهدف ؛ إذ إن صروف الأيام والليالي تعطب بعض جوانب المناهج والخطط والأشياء ، وليس هناك حلّ لذلك سوى التخلي عن الأجزاء المعطوبة ، وإحلال غيرها محلها .

وإن تحويل الأشياء إلى بنًي ثبوتية في سياق وسط مائج بالتغير والتطور لا يعني سوى التضحية بالأصل والفرع ، والجوهر والمظهر ، والمبدأ والوسيلة ...

وهكذا : فما يُظن نقصاً في بعض الأشياء يتحول إلى ضرب من ضروب الكمال إذا ما نظرنا إليه على أنه جزء من كل ، وعنصر في تركيب أشمل .

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته