أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الرابعة عشرة بعد المائة في موضــــــــــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعةعشرة بعد المائة في موضوع (الواحد الأحد) من

اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :*حقيقة التوحيد والشرك :

وهكذا لو قال: إن نوحاً أو هوداً،أو صالحاً، أو إبراهيم أو إسماعيل أو غيرهم ليس بنبي، صار كافرا بالله، وأعماله كلها باطلة، لكونه بذلك قد كذب الله سبحانه فيما أخبر به عنهم. وهكذا لو حرم ما أحله الله، مع التوحيد والإخلاص والإيمان بالرسل، فقال مثلاً: أنا ما أحل الإبل أو البقر أو الغنم أو غيرها مما أحله الله حلاً مجمعاً عليه، وقال: إنها حرام يكون بهذا كافراً مرتداً عن الإسلام بعد إقامة الحجة عليه، إذا كان مثله قد يجهل ذلك. وصادف جنس من أحل ما حرم الله. أو قال: ما أحل الحنطة أو الشعير بل هما حرام، وما أشبه ذلك، صار كافراً، أو قال: إنه يستبيح البنت أو الأخت، صار بهذا كافراً بالله، مرتداً عن الإسلام، ولو صلى وصام وفعل باقي الطاعات، لأن واحدة من هذه الخصال تبطل دينه، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام من الآية:88].

ونحن في زمان غلب فيه الجهل، وقل فيه العلم، وأقبل الناس إلا من شاء الله، على علوم أخرى وعلى مسائل أخرى، تتعلق بالدنيا، فقل علمهم بالله، وبدينه؛ لأنهم شغلوا بما يصدهم عن ذلك، وصارت أغلب الدروس في أشياء تتعلق بالدنيا، أما التفقه في دين الله، والتدبر لشريعته سبحانه، وتوحيده، فقد أعرض عنه الأكثرون، وأصبح من يشتغل به اليوم هو أقل القليل. فينبغي لك يا عبد الله الانتباه لهذا الأمر، والإقبال على كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، دراسة وتدبراً وتعقلاً، حتى تعرف توحيد الله والإيمان به، وحتى تعرف ما هو الشرك بالله عز وجل، وحتى تكون بصيرا بدينك، وحتى تعرف ما هو سبب دخول الجنة والنجاة من النار، مع العناية بحضور حلقات العلم والمذاكرة مع أهل العلم والدين، حتى تستفيد وتفيد، وحتى تكون على بينة وعلى بصيرة في أمرك.

والشرك شركان: أكبر وأصغر:

فالشرك الأكبر ينافي توحيد الله، وينافي الإسلام، ويحبط الأعمال، والمشركون في النار، وكل عمل أو قول دلت الأدلة على أنه كفر بالله: كالاستغاثة بالأموات أو الأصنام، أو اعتقاد حل ما حرم الله، أو تحريم ما أحله الله، أو تكذيب بعض رسله، فهذه الأشياء تحبط الأعمال، وتوجب الردة عن الإسلام، كما سبق بيان ذلك.

قال تعالى في أول سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48]، فهنا قد بين الله أن الشرك لا يغفر، ثم علق ما دونه على المشيئة فأمره إلى الله سبحانه وتعالى، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، على قدر المعاصي التي مات عليها، غير تائب، ثم بعد أن يطهر بالنار يخرجه الله منها إلى الجنة، بإجماع أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة،ومن سار على نهجهم.

أما في آية الزمر، فعمم وأطلق فقال سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] قال العلماء: هذه الآية في التائبين، أما آية النساء فهي في غيرالتائبين، ممن مات على الشرك مصراً على بعض المعاصي، وهي قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء من الآية:48].

أما من مات على ما دون الشرك كالزنا والمعاصي الأخرى، وهو يؤمن أنها محرمة، ولم يستحلها ولكنه انتقل إلى الآخرة ولم يتب منها، فهذا تحت مشيئة الله عند أهل السنة والجماعة إن شاء الله غفر له، وأدخله الجنة لتوحيده وإسلامه، وإن شاء سبحانه عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها بالنار من الزنا وشرب الخمر، أو عقوقه لوالديه، أو قطيعة أرحامه، أو غير ذلك من الكبائر كما سبق إيضاح ذلك.

وذهب الخوارج إلى أن صاحب المعصية مخلد في النار وهو بالمعاصي كافر أيضاً، ووافقهم المعتزلة بتخليده في النار، ولكن أهل السنة والجماعة خالفوهم في ذلك ورأوا أن الزاني والسارق والعاق لوالديه وغيرهم من أهل الكبائر لا يكفرون بذلك، ولا يخلدون في النار، إذا لم يستحلوا هذه المعاصي، بل هم تحت مشيئة الله كما تقدم، فهذه أمور عظيمة ينبغي أن نعرفها جيداً، وأن نفهمها كثيراً؛ لأنها من أصول العقيدة، وأن يعرف المسلم حقيقة دينه، وضده من الشرك بالله تعالى، ويعلم أن باب التوبة من الشرك والمعاصي مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته