أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الرابعة والتسعـــون في موضــــــــــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والتسعون في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*ما هو تعريف التوحيد وما هي أنواعه؟ :

التوحيد لغة:"مصدر وحّد يوحّد، أي جعل الشيء واحداً"، وهذا

لا يتحقق إلا بنفيٍ وإثبات، نفي الحكم عما سوى المُوحَّد، وإثباته له، فمثلاً نقول: إنه لا يتم للإنسان التوحيد حتى يشهد أن لا إله إلا الله، فينفي الألوهية عما سوى الله عز وجل ويثبتها لله وحده، وذلك أن النفي المحض تعطيل محض، والإثبات المحض لا يمنع مشاركة الغير في الحكم، فلو قلت مثلاً:"فلان قائم"فهنا أثبتَّ له القيام  لكنك لم توحده به، لأنه من الجائز أن يشاركه غيره في هذا القيام، ولو قلت:"لا قائم" فقد نفيت محضاً ولم تثبت القيام لأحد، فإذا قلت:"لا قائم إلا زيد" فحينئذ تكون وحدت زيداً بالقيام حيث نفيت القيام عمن سواه،وهذا هوتحقيق التوحيد في الواقع ،أي أن التوحيد لا يكون توحيداً حتى يتضمن نفياً وإثباتاً.

وأنواع التوحيد بالنسبة لله عز وجل تدخل كلها في تعريف عام وهو"إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به".

وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة:

الأول: توحيد الربوبية.

الثاني: توحيد الألوهية.

الثالث: توحيد الأسماء والصفات.

وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة فنوعوا التوحيد إلى ثلاثة أنواع :

الأول: توحيد الربوبية: وهو"إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك، والتدبير"، وتفصيل ذلك:

أولاً: بالنسبة لإفراد الله تعالى بالخلق: فالله تعالى وحده هو الخالق ولا خالق سواه، قال الله تعالى: {هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو} [فاطر:3]، وقال تعالى مبيناً بطلان آلهة الكفار: {أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون} [النحل:17].

فالله تعالى وحده هو الخالق، خلق كل شيء فقدره تقديراً، وخَلْقُهُ يشمل ما يقع من مفعولاته،ومايقع من مفعولات خلقه أيضاً، ولهذا كان من تمام الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله تعالى خالقاً لأفعال العباد كما قال الله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} [الصافات:96].

ووجه ذلك أن فعل العبد من صفاته، والعبد مخلوق لله، وخالق الشيء خالق لصفاته، ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة تامة، والإرادة والقدرة كلتاهما مخلوقتان لله عز وجل وخالق السبب التام خالق للمسبب.

فإن قيل: كيف نجمع بين إفراد الله عز وجل بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير الله كما يدل عليه قول الله تعالى: {فتبارك الله أحسن الخالقين}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين:"يقال لهم: أحيوا ما خلقتم"؟ الجواب على ذلك أنَّ غير الله تعالى لا يخلق كخلق الله فلا يمكنه إيجاد معدوم، ولا إحياء ميت، وإنما خلق غير الله تعالى يكون بالتغيير وتحويل الشيء من صفة إلى صفة أخرى وهو مخلوق لله عز وجل، فالمصور مثلاً إذا صور صورة فإنه لم يحدث شيئاً،غاية ما هنالك أنه حوَّل شيئاً إلى شيء كما يحول الطين إلى صورة طير أوصورة جمل،وكما يحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى صورة  ملونة فالمداد من خلق الله عز وجل، والورقة البيضاء من خلق الله عز وجل. هذا هو الفرق بين إثبات الخلق بالنسبة إلى الله، عز وجل ، وإثبات الخلق بالنسبة إلى المخلوق. وعلى هذا يكون الله سبحانه وتعالى منفرداً بالخلق الذي يختص به.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته