أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الثانية والتسعـــون في موضــــــــــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الثانية والتسعون في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان:

نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع القبور والبناء عليها :

وكذلك نهى صلى الله عليه وسلم عن رفع القبور،وتجصيصها،والبناء عليها، وإيقادها بالسرج، والعكوف عليها؛ خشية الافتتان بها والوقوع في تعظيمها، كما هو الآن حال كثير من الناس الذين يعبدون القبور عبادة حقيقية، فيذهبون إلى المقبورين، وقد قسموهم إلى تخصصات: فهذا لمن أراد أن ينتقم من جاره، وهذه لمن أرادت أن تنجب، وهذا لمن أراد أن ينجح ولده في الامتحانات.. وهكذا أصبح لكل واحد تخصص!! فيطلبون منهم النصر على الأعداء، ويطلبون منهم الشفاء، ويطلبون منهم الإنجاب؛ حتى وقعوا في ألوان من الشرك ما كانت تخطرعلى بال أحد أن يقع فيها ممن ينتمي إلى أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوفاء بالنذر في مكان كان يعبد فيه غير الله

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوفاء بالنذر في مكان كان يعبد فيه صنم، أو كان يقام فيه عيد من أعياد الجاهلية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال: (يا رسول الله! إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة -وهي هضبة قريبة من ساحل البحر- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أكان فيها صنم من أصنام الجاهلية يعبد؟ فقال: لا. فقال: هل كان يقام فيها عيد من أعياد الجاهلية؟ قال: لا. قال: فأوف بنذرك)؛ فلم يكن التحذير من هذه الأماكن إلا مراعاة لجانب التوحيد، واحتياطاً حتى لا يدخل فيه شيء من الشرك. ونهج الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم نهج النبي صلى الله عليه وسلم في الاحتياط للتوحيد، والمحافظة على حماه؛ فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما رأى بعض الناس يأتي لشجرة الرضوان فيصلي عندها -وهي الشجرة التي بايع الصحابة عندها النبي عليه الصلاة والسلام- فأمر بقطعها؛ حتى لا يفتتن الناس بهذه الشجرة، وحتى لا يتبركوا بها، وقال عمر رضي الله عنه وهو يستلم الحجر الأسود ويقبله: (والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك!!).[ الأنترنت - موقع أنا السلفي – التوحيد أولاً - محمد إسماعيل المقدم ]

* التوحيد روح الإسلام وجوهره :

لكل دين من الأديان، أو فلسفة من الفلسفات، “نموذج معرفي” يلخص المعالم الكبرى والمواقف الأساسية من الألوهية والكون والحياة، وما يندرج تحت ذلك من تفريعات وتفصيلات.. وهذا “النموذج المعرفي” يرتكز على مفهوم أساس هو اللُّب والجوهر. فما هو هذا المفهوم الأساس التي يتشكل منه الإسلام ونموذجه المعرفي؟ وهل يمكن إيجازه في كلمة أو كلمات معدودات؟ للإجابة على ذلك عندنا تجربتان فكريتان؛ الأولى سجَّلها عالم مصري عام 1933م، لم يكن متخصصًا في الأديان، وإنما كان رائدًا في علم الجغرافيا..واهتدى لهذه الفكرة المهمة عن “روح الإسلام” بما استقر في وعيه ووجدانه من حقائق الإسلام التي يفهمها المسلم من غير تكلُّف.. وهو د. محمد عو ض محمد. والتجربة الثانية سجَّلها صاحبها في كتاب مهم باللغة الإنجليزية (1982م) ثم تُرجم مؤخرًا بعد صدوره بنحو ثلث القرن (2014م).. وفيه عَرَض تفصيلاً وتأصيلاً لحقيقة أن التوحيد جوهر الإسلام.. إنه المفكر الفلسطيني د. إسماعيل الفاروقي. واللافت أنّ بين هاتين التجربتين في التعرف على روح الإسلام وجوهره، نصف قرن! روح الإسلام كان د. محمد عوض طالبًا في جامعة ليفربول ببريطانيا، وحدث أن سألته زميلة له عن كلمة واحدة أو كلمات قلائل توضح لها: ما روح الإسلام؟ فأدهشه السؤال لأول وهلة، ونظر إلى السائلة نظرة الحائر المستفسِر، وأدرك أن في السؤال شيئًا من الغموض. فقالت له زميلته: “إننا، مثلاً، نرى أن روح المسيحية يتمثل في لفظ واحد وهو الحب. فهذا هو لب لباب ديننا، والأساس الذي شُيدت عليه صروح المسيحية كلها؛ فما من عقيدة ولا شعائر ولا تعاليم إلا والحب محورها الذي تدور حوله. ولا تكترث لما قد تراه مخالفًا لذلك؛ فما هو من المسيحية في شيء”. فقال لها: إنكِ إذن تريدين مني كلمة واحدة أو كلمات قلائل، تكون من الإسلام بمثابة كلمة الحب من المسيحية؟ فقالت: أجل؛ فقد يكون روح الإسلام مثلاً العدل أو القوة. فأطرق د. عوض قليلاً، وأخذ يمعن في التفكير، لعله يهتدي إلى جواب ترضاه هي ويرضاه هو. وخطر له أن يشرح لها أن للإسلام أركانًا خمسة.. لكنه تذكر أن في المسيحية أيضًا صلاة وصيامًا. وخشي أن تقول له: إن هذا من الدين بمثابة الجسم، وإنها تبحث عن الروح! فقال لها في صراحة: إنني ما خطر لي يومًا أن أبحث عن كلمة واحدة تؤدي كل ذلك المعنى الجليل الخطير. وأنتم معشر الإنجليز قوم تحبون تبسيط كل مسألة. ومع هذا، أمهليني أتدبر الأمر، أو أسأل أهل الذكر. فلا خير في جواب عاجل لا ينطوي على الصواب. ثم عاد د. عوض إلى بيته وأخذ يُجيل التفكير في هذا السؤال الذي عَرَض له على غير استعداد.. مدركًا أهمية أن يعود للسائلة بجواب يشفي الغلة ويريح الفكر، من غير تقوُّلٍ على الإسلام بما ليس فيه.. ولا تحريفٍ لمعانيه! ويصور لنا د. عوض هذه الحيرة، وطريقة اهتدائه للجواب، فيقول: لم أكن، عَلِمَ اللهُ، من الملمين بعلم الدين. وكنت أحس من نفسي عجزًا وقصورًا، عن معالجة تلك المسألة، ولكني رغم هذا رأيت أن أحاول معالجتها ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. وجعلت أجهد فكري أيّما إجهاد. وخُيل لي أني أرى أمامي سُبلاً كثيرة فجعلت أسلك كلاًّ منها، ولا أزال أتبعه إلى نهايته، ثم أعود فأسلك طريقًا آخر فأجتازه إلى غايته: وكانت كل خطوة تدفعني إلى خطوة أخرى حتى أبلغ نهاية المرحلة. ويتابع: وهكذا سلكت في تفكيري وبحثي طُرقًا شتى. وعجبتُ إذ ألفيتُني أصل في كل مرة إلى غاية واحدة، ويسلمني البحث إلى شيء واحد.. فقد كان ينتهي بي التفكير دائمًا إلى التوحيد.

 إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته