أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة السابعة والخمسون في موضــــــــــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة السابعة والخمسون في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*وألهكم اله واحد (خطبة جمعة )

أيها المسلمون: لقد عُنِيَ كتاب الله العظيم في جزء كبير منه بقضية التوحيد، وتنوعت آياته إثباتًا وتأصيلاً، وإقناعًا

وحوارًا، ومجادلة وإخبارًا، وقصصًا، ويكاد يكون الجزء الأكبر منه يتحدث عن توحيد الله -سبحانه-, وتقرير اسم الله الواحد والأحد في الأذهان قبل الآذان, قال الله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 163], وقال الله تعالى: (قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: 16], وقال الله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) [الإخلاص:1]، وقوله تعالى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [يوسف: 39]، وقوله -سبحانه-: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [إبراهيم: 48], وقال عز وجل: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [ص:65].

وقد أثنى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- على ربه بالوحدانية، وهو أعرف الخلق بربه، وقد ورد في السنة شواهد كثيرة،ومن ذلك حديث مِحْجَن بْن الْأَدْرَعِ -رضي الله عنه-،أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ: "اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"، قَالَ: فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ, ثَلَاثًا" [أحمد (18974) وأبو داود وغيرهما، وصححه الألباني].

وجاء في الحديث أنَّ مَنْ نَسَبَ لله تعالى الولد فقد شتمه، ومن ثَم يكون قد انتقص جناب الوحدانية، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "قَالَ اللهُ: كَذَّبَني ابنُ آدمَ، وَلمْ يَكُنْ لَهُ ذَلكَ، وَشَتمني، وَلمْ يَكُنْ لَه ذَلكَ، فَأمَّا تَكْذيبهُ إيَّاي فَقوْلُهُ: لَنْ يُعيدني كَما بَدَأَني، وَليسَ أولُ الْخلق بأهونَ عَلىَّ مِنْ إعادته، وَأَمَّا شَتْمُهُ إيَّاي فَقولُهُ: اتخذ اللهُ وَلدًا، وَأنا الأَحدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلمْ يَكْنْ لي كُفْؤًا أَحَدٌ" [البخاري (4482)] وعن عائشة -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا تَضَوَّرَ -استيقظ أو أرق- عَنِ اللَّيْلِ، قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ" [صحيح ابن حبان(5530) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة].

ومن لم يقرّ بوحدانيّة الله في هذه الحياة الدنيا فسيقرّ بها رغمًا عن أنفه يوم يقف يوم بين يدي الواحد القهّار, فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: "يُنَادِي مُنَادٍ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ, أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ، فَيَسْمَعُهَا الأَحْيَاءُ وَالأَمْوَاتُ، وَيَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُنَادِي: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" [الحاكم (3637) وقال على شرط مسلم، وصححه الألباني في مختصر العلو].

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود -رضي الله عنه-، قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَضَعَ اللهُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، قَالَ فُضَيْلٌ: وَهَذِهِ وَهَذِهِ، وَهَذِهِ وَهَذِهِ، وَالثَّرَى وَالْمَاءُ وَسَائِرُ الْخَلْقِ عَلَى هَذِهِ، ثُمَّ هَزَّهُنَّ، فَقَالَ: "أَيْنَ الْمُلُوكُ لِمَنِ الْمُلْكَ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ"، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: (وَمَا قَدَرُوا اللهِ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ) [الزمر: 67] [أخرجه النسائي(7640) واللفظ له، وأصل الحديث متفق عليه مخرّج في الصحيحين].

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته