أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــة التاسعة عشرة بعد المائتـــن في موضــــوع المحصي
نبذة عن الصوت
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد : فهذه الحلقة
التاسعة عشرة بعد المائتين في موضوع (المحصي) وهي بعنوان:
*ومن معاني المحصي (العليم) :الغيب المطلق والغيب النسبي :
الغيب المطلق :هو ما استأثر الله تعالى بعلمه فهو علم غائب عن الخلق كلهم – أهل السماء وأهل الأرض – ، وهذا النوع من الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه كما دلت على ذلك نصوص الكتاب و السنة ، فقد قال الله تعالى : ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) النمل/65 ، وقال سبحانه : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) الأنعام/59 .
وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه المفاتيح بالأمور الخمسة التي وردت في سورة لقمان في قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الآية/34 ، وروى البخاري
يقول الشعراوي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية :وعجيب أنْ نرى من خَلْق الله مَنْ يحاول أن يستدرك على مقولة الله في هذه الغيبيات الخمس، كالذين حاولوا أنْ يتنبأوا بموعد قيام الساعة، وقد كذبوا جميعاً، لإن الحق سبحانه أخفى موعد الساعة لكي نستشعرها دائماً، وفي كل وقت، حتى الذين لا يؤمنون بها ويشكُّون فيها، وإذا ما استشعرها الناس عملوا لها، واستعدوا لأهوالها، كما أخفى الله عن الإنسان ساعة موته ومكان أجله، وجعل الموت يدور على العباد على غير قاعدة.
فمنهم مَنْ يموت بعد دقائق من مولده، ومنهم مَنْ يعمر مئات السنين، كما أنه سبحانه لم يجعل للموت مقدمات من مرض أو غيره، فكم من مريض يُعافى، وصحيح يموت، كما يقولون: كيف مريضكم؟ قال: سليمنا مات،إذن: أخفى الله القيامة وأخفى الموت؛ لنظل على ذُكْر له نتوقعه في كل لحظة، فنعمل له، ولنتوقع دائماً أننا سنلقى الله، فنعد للأمر عُدته؛ لأن مَنْ مات فقد قامت قيامته؛ لأنه انقطع عمله، ففي إبهام موعد القيامة وساعة الموت عَيْن البيان لكل منهما، فالإبهام أشاعه في كل وقت.
وقوله: { وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ.. } [لقمان: 34] وهذا أيضاً، ومع تقدُّم العلوم حاول البعض التنبؤ به بناء على حسابات دقيقة لسرعة الرياح ودرجة الحرارة..إلخ، وربما صَحَّتْ حساباتهم، لكن فاتهم أن الله أقداراً في الكون تحدث ولا تدخل في حساباتهم، فكثيراً ما نُفَاجأ بتغيُّر درجة الحرارة أو اتجاه الريح، فتنقلب كل حساباتنا.
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .