أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقــــــــة الثالثة والسبعون بعد المائة في موضــــــــــــــــــــــــــــوع الديان

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثالثة والسبعون بعدالمائة  في موضوع ( الديّان ) من اسماءالله الحسنى وصفاته وهي بعنوان : خطبة جمعة – عن اسم "الدّيان"

ومن معاني الديان: أنه الحاكم والقاضي الذي يحكم بين عباده, قال تعالى: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [الحج: 56، 57], ويفصل بينهم, قال -سبحانه-: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [السجدة: 25].

عباد الله: الديَّان: جاء بصيغة المبالغة، وتعني المبالغة في الكمّ، والمبالغة في النوع، فحسابه -سبحانه- للعباد شامل لجميع أعمالهم, فالله -عز

وجل- سيحاسب عن كل الذنوب مهما كثرت، صغرت أو كبرت, قال تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر: 92، 93], وقال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: 7، 8].

معشر الكرام: وإذا علم المؤمن أن الرب -سبحانه- ديّان، وأن يوم

القيامة يوم جزاء وحساب، وأنه سيجد أعماله كلها محضرة خيرها وشرها؛ فإنه سيحسب لذلك اليوم عدَّته، فالكيّس من حاسب نفسه ما دام في دار المهلة والعمل. قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: "البر لا يبلى والإثم لا ينسى، والدّيان لا ينام، فكن كما شئت كما تدين تدان".

والحساب يومئذٍ بالحسنات والسيئات, وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أتدرون ما المفلِسُ؟" قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ. فقال: "إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا. فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه. فإن فَنِيَتْ حسناتُه، قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه. ثمَّ طُرِح في النَّارِ" (رواه مسلم).

بل إن من كمال مجازاة الديان -سبحانه- أنه يجيء بنفسه في ذلك اليوم للفصل بين العباد, قال تعالى: (وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) [الفجر: 22], وقال -سبحانه-: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ

الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) [البقرة: 210].

وحساب الديان حسابٌ دقيقٌ, فعن عائشة -رضي الله عنها-: "أنَّ رجلاً من أصحابِ النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم- جليسٌ بينَ يديهِ فقال: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ لي مملوكينَ يكذبونني ويخونني ويعصونَني فأضربُهم وأسبُّهم، فَكيفَ أنا منهم فقال رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم-: "يُحسَبِ ما خانوكَ وعصوكَ وَكذَبوكَ فإن كانَ عقابُك إيَّاهم دونَ ذنوبِهم كانَ فضلًا لَك، وإن كانَ عقابُك إيَّاهم بقدرِ ذنوبِهم كانَ كفافًا لا لَك ولا عليكَ، وإن كانَ عقابُك إيَّاهم فوقَ ذنوبِهم اقتُصَّ لَهم منكَ الفضلَ الَّذي يبقى قِبلَك". فجعلَ الرَّجلُ يبكي بينَ يدي رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم- ويَهتِفُ فقال رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم-: ما لهُ أما تقرأُ كتابَ اللَّهِ تعالى (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ ليَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء:47]، فقال الرَّجلُ يا رسولَ اللَّهِ ما أجدُ شيئًا خيرًا لي من فراقِ هؤلاءِ: "أشهدُك أنَّهم أحرارٌ كلُّهم" (أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني).

   إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.