أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقــــــــة الرابعة والستون بعد المائة في موضــــــــــــــــــــــــــــوع الديان

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الرابعة والستون بعدالمائة  في موضوع  ( الديّان ) من اسماءالله

الحسنى وصفاته وهي بعنوان: *وعند الله تجتمع الخصوم :

فلم يكن في الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسائر أئمة المسلمين من قال:‏ إن كلام الله مخلوق خلقه في غيره ولم يقم به كلام، كما قالته الجهمية من المعتزلة وغيرهم، بل لما أظهروا هذه البدعة اشتد نكير السلف، والأئمة لها، وعرفوا أن حقيقتها:‏ أن الله لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ‏!‏‏!‏ إذ كان الكلام وسائر الصفات إنما يعود حكمها إلى من قامت به.‏

فلو خلق كلاما في الشجرة ‏{‏‏إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا‏}‏‏ ‏[‏طه:‏14‏]‏، لكان ذلك كلاماً للشجرة، وكانت هي القائلة:‏ ‏{‏‏إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي}‏‏، بمنزلة الكلام الذي تنطق به الجلود حين قال لها أصحابها:‏ ‏{‏‏لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ‏}‏‏ ‏[‏فصلت:‏22‏]‏، وكذلك قال تعالى:‏‏{‏‏وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ‏}‏‏ ‏[‏الأنبياء:‏79‏]‏، فلو كان تكلمه بمعنى:‏ أنه خلق كلاماً في غيره، لكان كل كلام في الوجود كلامه؛ لأنه خالقه، وكذلك صرح بذلك الحلولية من الجهمية كما يذكر عن ابن عربي صاحب ‏[‏الفصوص‏]‏ و‏[‏الفتوحات‏]‏:‏

وكل كلام في الوجود كلامه ** سواء علينا نثره ونظامه

وقد علم أن الله إذا خلق في بعض الأعيان علماً، أو قدرة، أو حركة، أو إرادة، كان ذلك المحل هو العالم، القادر المتحرك المريد، فلو لم يكن كلامه إلا ما يخلقه في غيره لكان الغير هو المتكلم به، وهذا مبسوط في موضعه.‏

وشبهة نفاة الكلام المشهورة:‏أنهم اعتقدوا أن الكلام صفة من الصفات لا تكون إلا بفعل من الأفعال القائمة بالمتكلم، فلو تكلم الرب لقامت به الصفات والأفعال وزعموا أن ذلك ممتنع.‏

قالوا:‏ لأنا إنما استدللنا على حدوث العالم بحدوث الأجسام، واستدللنا

على حدوثها بما قام بها من الأعراض التي هي الصفات والأفعال، فلو قام بالرب الصفات والأفعال للزم أن يكون محدثاً، وبطل الدليل الذي استدللنا به على حدوث العالم، وإثبات الصانع.‏

فقال لهم أهل السنة والإثبات:‏ دليلكم هذا دليل مبتدع في الشرع لم يستدل به أحد من سلف الأمة وأئمتها، بل قد ذكر الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر أنه دليل محرم في دين الرسل، وأنه لا يجوز بناء دين المسلمين عليه، وذكر غيره:‏ أنه باطل في العقل، كما هو محرم في الشرع، وأن ذم السلف والأئمة لأهل الكلام والجهمية، وأهل الخوض في الأعراض والأجسام أعظم ما قصدوا به ذم مثل هذا الدليل، كما قد بسط الكلام على ذلك في موضعه.‏

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .