أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقــــــــة التاسعة والأربعون بعد المائة في موضــــــــــــــــــــــــــــوع الديان

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة التاسعة والأربعون بعدالمائة  في موضوع  ( الديّان ) من اسماءالله

الحسنى وصفاته وهي بعنوان: * ازرع ما تريد حصاده :

من بدائع صنع العليم الحكيم سبحانه أنّه جعل للخلق سننا ثابتة يسير عليها، لا تتغيّر ولا تتبدّل.. ((وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً)).. ((وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً))؛ سنن قوامها القسط والعدل والجزاء والوفاء، لا تحابي ولا تجامل أحدا؛ كافرا كان أم مؤمنا.. ولعلّ من أبين وأظهر وأجلى هذه السّنن، سنةً نراها ونلمسها فيما حولنا، ويشهد بها العقلاء جميعا.. إنّها سنّة “الجزاء من جنس العمل”، أو “كما تدين تدان” أو

“كما تزرع تحصد”.

 قضى الله سبحانه وتعالى قضاءً لا يتبدّل ولا يتغيّر، أن يجازي كلّ عامل بحسب عمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وهذا في الدّنيا قبل الآخرة، يقول سبحانه وتعالى: ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه)).. ويقول جلّ شأنه: ((لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً* وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً)).. ويقول الحبيب المصطفى عليه الصّلاة والسّلام: “أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنّك ميّت، وأحبب من شئت فإنّك مفارقه، واعمل ما شئت فإنّك مجزي به”، ويقول صحابي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أبو الدرداء رضي الله عنه: “البِرُّ لا يَبْلَى، والإثْمُ لا يُنسَى، والدَّيَّانُ لا يَنام، فكُنْ كَما شِئْت، كَما تَدينُ تُدان”، ويقول أحد الصّالحين: “الحسنة لا تضيع على ابن آدم، والذنب لا يُنسى ولو بعد حين، والديان هو الله -عز وجل-

حي لا يموت”.

هذه الحقيقة لا يجادل فيها عاقل، وجميعنا نشهد بها، ولكنّنا -إلا من رحم الله منّا- ننساها.. نرى في أنفسنا ومن حولنا كيف يجازى المحسنون بأعمالهم أحسن الجزاء، وكيف يجازى المسيئون وفق ما عملوا، ولكنّ قليلا منّا يتّعظون ويعتبرون.

كما تدين تدان، وكما تزرع تحصد، والجزاء من جنس العمل.. فمن ظلم زوجته بطلاق أو منعِ نفقة أو أذية ولو كانت بالكلام جوزي في الدّنيا قبل الآخرة، ومن ظلمت زوجها وخلعته وأخذت ماله، جوزيت في الدّنيا قبل الآخرة.. ومن ظلم أولاده فلم يربّهم أو منعهم النّفقة أو ضيّق عليهم، جوزي في الدّنيا قبل الآخرة.. والأشدّ من هذا، من ظلم والديه، فأساء معاملتهما أو تضجّر منهما، جوزي في الدّنيا قبل الآخرة.. من أساء إلى جاره جوزي في الدّنيا قبل الآخرة.. ومن أساء إلى مسلم في زوجته أو ابنته جوزي في الدّنيا قبل الآخرة، بأن يكشف الله عنه ستره، ويبتليه في أهله كما آذى مسلما في أهله.. وكم سمعنا برجال أطلقوا العنان لألسنتهم في أعراض النّاس وأطلقوا العنان لأعينهم بتتبّع العورات، فجزاهم الله بأن تسلّط عليهم من آذاهم في أهليهم بلسانه وعينه.. من تسلّط على ضعيف فأهانه أو آذاه أو أخذ حقّه، سلّط الله عليه من هو أقوى منه فيذلّه.. ومن تسبّب في إزهاق روح بريئة، أتاه القصاص عاجلا أم آجلا، وقديماً قالوا: “بشِّر القاتل بالقتل ولو بعد حين”، وعندما قال الحجّاج بن يوسف الثّقفي للإمام العلم سعيد بن جبير: “اختر لنفسك أيَّ قِتْلَةٍ تُريد أن أقتلك؟” قال ابن جبير: “بل اختر

أنت لنفسك يا حجاج؛ فوالله لا تقتلني قِتْلَةً إلا قَتَلَكَ الله مثلها يوم القيامة”.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .