أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة الخامسة والسبعـون في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والسبعون في موضوع

(الرب) وهي بعنوان:

*الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية:

الفرق كما ذكره البخاري - رحمه الله - ، و العلاقة بين توحيد الربوبية و بين توحيد الأوهية : أن توحيد الربوبية يستلزم و يقتضي توحيد الربوبية ، إذ لا يصح من العبد أن يؤمن بوحدانية الله و تفرده بالخلق و الرزق و التدبير و الملك و الإحياء و الإماتة ، ثم ينكر هذا العبد الضعيف أن الله متفرد بالعبادة ، لأنه يستحقها و لا يستحقها غيره ، قال الله تعالى : و لئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم و قال تعالى : ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنَّى يؤفكون و قال تعالى : " و لئن سألتهم من خلق السماوات و الأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون و نحوها من الآيات الدالة على الإنكار على من يعرف توحيد الربوبية و لا يفرد الله في عبادته بل يشرك معه غيره ،أو لا يعبد الله أصــــلاً،وهذا غلط واضح،وذنب قبيح

ثم توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية ، ذلك أن من يعتقد تفرد الله في ألوهيته و أنه لا يعبد سواه ، لا بد أن يكون عالما مؤمنا بأن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت سبحانه و تعالى ، و كل ذلك جليٌّ إن شاء الله سبحانه و تعالى ،،،و في هذا السياق يقول شيخنا أبو عبد المعـــزِّ محمد فركوس في فتوى له حول العلاقة التلازمية بين أنواع التوحيد يقول حفظه الله : (( اعلم أنَّه لا يكمل لأحد توحيدُه إلاَّ باجتماعِ أنواعِ التوحيدِ الثلاثةِ وهي: توحيدُ الربوبيةِ، والأسماءِ والصفاتِ، والألوهيةِ، فلا ينفعُ توحيدُ الربوبيةِ بدونِ توحيدِ الألوهيةِ، ولا يقومُ توحيدُ الألوهيةِ بدونِ توحيدِ الربوبيةِ، ولاَ يَسْتَقيمُ تَوحيدُ الله في رُبُوبيتِهِ وأُلُوهِيَتِهِ بِدُونِ توحيدِه في أسمائِه وصفاتِه، فهذِه الثلاثةُ متلازِمَةٌ يُكَمِّلُ بعضُهَا بعضًا، ولا يَسَعُ الاستِغْناءُ بِبعضِها عن البعْضِ الآخرِ، فالعلاقَةُ الرابطةُ بينَ هذِه الأقسامِ هي علاقةُ تلازُمٍ وتضمُّنٍ وشُمُولٍ. وتوحيدُ الربوبيةِ يستلْزِمُ توحيدَ الألوهيةِ، ومَعْنى ذلكَ أنَّ تَوحيدَ الألوهيةِ خَارجٌ عَن مَدلُولِ توحيدِ الربوبيةِ، فلا يتحَقَّقُ توحيدُ الربوبيةِ إلاَّ بتوحيدِ الألوهيةِ، أي: أنَّ تَوحيدَ الربُوبيةِ لا يُدْخِل مَنْ آمن بِه في الإسْلاَمِ، بِخلافِ تَوْحِيدِ الألُوهِيةِ فَإنَّه يَتَضمَّنُ تَوْحيدَ الربوبيةِ ، أي: أنَّ توحيدَ الربوبيةِ جزْءٌ مِن معنى توحيدِ الألُوهيةِ فالإيمانُ بتوحيدِ الألُوهيةِ يُدْخِلُ في الإسلامِ.

فيتقَرَّرُ عِنْدئذٍ أنَّ توْحيدَ الربُوبيةِ عِلْمِيٌّ اعْتِقَادِيٌّ، وتَوحِيدُ الألُوهيةِ عَمَلِيٌّ طَلَبِيٌّ، والعمليُّ متضَمِّنٌ للعِلْمِيِّ؛ ذلك لأنَّ متعلّقاتِ الربوبيةِ الأمورُ الكونيةُ، كالخلقِ والرِّزقِ، والتدبيرِ والإحياءِ، والإمَاتَةِ وغيرِ ذلكِ، بينَمَا مُتعلّقَاتُ تَوحِيدِ الألُوهِيةِ الأوامِرُ والنواهِي، فإذَا عَلِم العَبْدُ أنَّ الله ربُّهُ لا شَرِيكَ لَه في خَلْقِه وأسمائِه وصفاتِه ترتَّبَ عنه أن يعمَلَ عَلى طاعتِه وامتثالِ أوامرِه واجتنابِ نواهِيهِ، أي: يعْمَلَ عَلَى عبادتِه ، ومنهُ يُفْهَم أنَّ عبادَةَ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ هِي نتيجةٌ لاعترافٍ أَوَّليٍّ بأنَّه لا ربَّ غيرُ الله يُشْرِكهُ في خلْقِهِ وأَمْرِه، أي: تَعلّقُ القَلْبِ ابتداءً بتوحيدِ الربوبيةِ ثمَّ يَرتَقِي بعدهَا إلى توحيدِ الألوهيةِ، ولهذا قال ابنُ القيِّم: «إنَّ الإلهية التي دعت الرسل أُممَهم إلى توحيد الربِّ بها هي العبادة والتألُّه، ومن لوازمها توحيد الربوبية الذي أُمر به المشركون فاحتجَّ الله عليهم به، فإنَّه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الألوهية» ، ومعنى كلامِ ابن القيِّمِ أنَّ الله تعالى احتَجَّ على المشْرِكينَ بتوحِيدِ الربوبيةِ عَلى توحيدِ الألوهيةِ والعبادةِ ولا العكسُ، ومنْهُ يُفْهمُ –أيضًا- أنَّ توحيدَ الربوبيةِ والأسماءِ والصفاتِ وحدهُ لا يكفِي لإدْخَالِ صاحبِه في الإسلامِ ولا يُنْقِذُه من النَّارِ، ولا يَعْصِمُ مالَه ودَمَهُ إلاَّ بتوحِيدِ الألوهيةِ والعبادةِ.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.