أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة الخامسة والأربعون في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والأربعون في موضوع (الرب) وهي بعنوان:*لفظ(الرب) في القرآن الكريم :

يذكر ابن فارس في "مقاييسه" أن لفظ (الرب) يدل على ثلاثة أصول، هي:

الأصل الأول: إصلاح الشيء والقيام عليه؛ فالرب: المالك، والخالق، والصاحب. والرب: المصلح للشيء، يقال: ربَّ فلان ضيعته، إذا قام على إصلاحها. والله جل ثناؤه الرب؛ لأنه مصلح أحوال خلقه. والرباني: العارف بالله عز وجل، والحبر، منسوب إلى الربان.

وربَّ الولد: أي رباه حتى أدرك، فـ (الربيب) هو

الصبي الذي تربيه، و(الربيبة) الصبية.

الأصل الثاني: لزوم الشيء والإقامة عليه، وهو مناسب للأصل الأول؛ يقال: أربت السحابة بهذه البلدة: إذا دامت. وأرض مُرْب: لا يزال بها مطر؛ ولذلك سمي السحاب رباباً. ويقولون: قد ربّ فلان قومه: أي: ساسهم، وجعلهم ينقادون له. وربيت القوم: أي: حكمتهم وسدتهم، وفي هذا المعنى يقال لصاحب البيت: رب الدار، وصاحب الناقة: رب الناقة، ومالك الضيعة: رب الضيعة.

الأصل الثالث: ضم الشيء للشيء، وهو أيضاً مناسب لما قبله؛ يقولون: فلان يَرُبُّ الناس: أي: يجمعهم، أو يجتمع عليه الناس، ويسمون مكان جمعهم (بالمرّبّ). و(التربُّب) هو الانضمام والتجمع. وتأتي كلمة (الرب) بمعنى السيد أيضاً، فتستعمل بمعنى ضد العبد، أو الخادم.

قال ابن فارس: "ومتى أنعم النظر في هذه الأصول الثلاثة كان الباب كله قياساً واحداً"، ومراده أن هذه الأصول الثلاثة لمعنى (الرب)، ترجع إلى أصل واحد عند النظر والتأمل.

وقيل في اشتقاق لفظ (الرب): إنه مشتق من

التربية، فالله سبحانه وتعالى مدبر لخلقه ومربيهم، ومنه قوله تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم} (النساء:23)، فسمى بنت الزوجة (ربيبة) لتربية الزوج لها. فعلى أنه مدبر لخلقه ومربيهم يكون صفة فعل، وعلى أن (الرب) بمعنى المالك والسيد يكون صفة ذات.

وقد يكون من المفيد القول: ليس من الصواب حصر معنى لفظ (الرب) من حيث الدلالة اللغوية على معنى المربي والمنشئ فحسب، بل هذا المعنى واحد من معاني الكلمة المتعددة الواسعة، وهو معنى تتشعب عنه -بالنظر والتأمل- عدة معان: التصرف، والتعهد، والاستصلاح، والإتمام، والتكميل، ومن ذلك كله تنشأ في الكلمة معاني: العلو، والرئاسة، والتملك، والسيادة.

ثم إن صاحب "الكشاف" ومن تابعه ذهب إلى أن لفظ (الرب) لم يطلق على غيره تعالى إلا مقيداً، وقد رد ابن عاشور قول الزمخشري بقوله: "وجمعه على (أرباب) أدل دليل على إطلاقه على متعدد، فكيف تصح دعوى تخصيص إطلاقه عندهم بالله تعالى؟"، واستدل ابن عاشور على إطلاقه غير مضاف على غيره سبحانه، بقوله تعالى: {أرباب متفرقون} (يوسف:39)، فهذا إطلاق لـ (الرب) غير مضاف على غير الله تعالى.

ولفظ (الرب) ورد في القرآن الكريم في ثمانية وسبعين وتسعمائة موضع (978)، جاء في مواضعه جميعها بصيغة الاسم، من ذلك قوله عز وجل: {إن الله ربي وربكم فاعبدوه} (آل عمران:51). وقد ورد في أكثر مواضعه بصيغة المخاطب المفرد (ربك)، نحو قوله تعالى: {وإنه للحق من ربك} (البقرة:149). ولم يأت لفظ (الرب) بصيغة الفعل بتاتاً. وأول موضع ورد فيه هذ اللفظ قوله سبحانه: {الحمد لله رب العالمين}

 إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.