أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة الثامنــــــــة عشرة في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد: فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع (الرب )

 وهي بعنوان: الآثار الإيمانية بهذا الاسم الكريم: 

الثمرة الرابعة: التأدب مع هذا الاسم الكريم، فالنبي ﷺ، يقول مؤدباً، ومعلماً: (لا يقل أحدكم: أطعِمْ ربك، وضِّئ ربك، اسقِ ربك، وليقل: سيدي، مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي، أمتي، وليقل: فتاي، وفتاتي، وغلامي).

هذا نهي من أن يقول الإنسان مخاطبا لغيره: (وضئ ربك)؛ أي: سيدك، أو أن يتكلم هو عن نفسه، فيقول: ربي يعني: سيدي للمخلوق، وذلك فيما ذكره الحافظ ابن حجر -رحمه الله- بأن حقيقة الربوبية لله -تعالى-؛ لأن الرب هو المالك، القائم بالشيء، فلا توجد حقيقة ذلك إلا لله --([17]).

وقد ذكر الخطابي أن سبب المنع: "أن الإنسان مربوب، متعبد بإخلاص التوحيد لله، وترك الإشراك معه، فكره له المضاهاة في الاسم؛ لئلا يدخل في معنى الشرك"، قال: ولا فرق في ذلك بين الحر، والعبد، لكنه فرّق -أعني: الخطابي- بين ما من شأنه التعبد، ومن ليس من شأنه التعبد، يقول: فأما ما لا تعبد عليه من سائر الحيوانات، والجمادات فلا يكره إطلاق ذلك عليه عند الإضافة، كما يقال: رب الدار، ورب الثوب

وقد رد الحافظ ابن حجر -رحمه الله- على من قال: إن هذه اللفظة (الرب) لا يجوز أن تقال للمخلوقين، فهماً

من هذا الحديث، وبين الحافظ ابن حجر -رحمه الله- أن الذي يختص بالله -تعالى- هو إطلاق الرب بلا

إضافة -الرب-، فلا يجوز أن نقول لمخلوق: الرب، فإن الرب بإطلاق هو الله -تبارك وتعالى .

أما بالإضافة تقول: رب الدار، ورب الثوب فإن هذا

 لا إشكال فيه، ويوسف ﷺ قال: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ (يوسف:42)، ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ (يوسف:50)؛ يعني: إلى سيدك، وقال النبي ﷺ في أشراط الساعة: (أن تلد الأمة ربتها)

فالنهي الذي يختص بالله هو حال إطلاق الرب، هذا لا يصح أن يقال للمخلوق، أما بالإضافة فلا إشكال في ذلك، فالنهي الوارد في الحديث هو بالإضافة (أطعِمْ ربك، وضِّئ ربك)، ونحو ذلك.

ومن أهل العلم من أراد أن يجمع بين هذه النصوص التي ورد فيها الاستعمال مع النهي، فقال: دل ذلك على أن النهي للتنزيه، فهو من باب الأدب في الألفاظ، وإن ورد استعمال ذلك في بعض المواضع، إلا أن النبي ﷺ يبين ما هو الأكمل، والأفضل، والأحسن، فما ورد إنما هو لبيان الجواز، والنهي يكون للتنزيه، وبعضهم يذكر غير هذا، وتجدون الكلام على ذلك في "فتح الباري"

وممن قال بأن لفظة هذا الاسم الكريم (الرب)، هكذا بدخول "ال" عليه، لا يطلق إلا على الله جمع كثير من أهل العلم، كالزجّاجي، وابن قتيبة، وابن الأثير، وابن كثير، والراغب، وغير هؤلاء.

فالله -تبارك وتعالى- هو الرب حقيقة، المتكفل بخلق الموجودات، وإنشائها، والقائم على إصلاحها، وهو المنظم لمعايشها، وأقواتها، المدبر لأمورها، إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (الأعراف:54)، أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ (الرعد:33)، إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (فاطر:41.)

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.