أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقــــــــــــــــة الخامـــــــــسة عشرة في موضـــــــــــــــــوع الـــــــــــــــــــــــــــرب
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع (الرب ) وهي بعنوان:ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم الكريم:
الثمرة الأولى: أن ندعو الله به، فالله -كما سبق في أول الكلام على هذه الأسماء الحسنى- يقول: وَلِلَّهِ الأسماء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَاالأعراف:180، وعرفنا أن الدعاء بها ينتظم دعاء المسألة، ودعاء العبادة، وأرجو أن تتذكروا هذا؛ لأني ذكرت عند الكلام عن المقدمات أننا سنحتاج إليها دائماً في الكلام على هذه الأسماء الحسنى، فهي الأساس الذي ننطلق منه،
دعاء مسألة، ودعاء عبادة.
كيف ندعو الله؟، كيف نتعبد بهذا الاسم الكريم بدعاء المسألة، ودعاء العبادة؟
دعاء المسألة: أن نذكر هذا الاسم في دعائنا، وتضرعنا إلى الله -تبارك وتعالى-، كما كان الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- يفعلون ذلك، فآدم -عليه الصلاة والسلام- مع زوجه قالا: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا (الأعراف:23)، وهذا نوح ﷺ يقول: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا (نوح:28)، وهذا إبراهيم وإسماعيل -عليهما الصلاة والسلام-: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (البقرة:127)، وهذا موسى -عليه الصلاة والسلام- يقول: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي (الأعراف:151)، وهذا عيسى -عليه الصلاة والسلام- يقول: اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاء (المائدة:114)، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وكذا أمته: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون (البقرة:285)، إلى أن قال الله في هذا الدعاء: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ (البقرة:286).
وكثيراً ما يتكرر في القرآن الدعاء باسم الرب -تبارك وتعالى-، فتارة مع ياء النداء، وتارة بحذفها للإشعار
بقربه من الداعين، قال الله -تعالى-: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان (البقرة:186)، كما يقول الشاطبي -رحمه الله- في
كتابه "الموافقات".
وهكذا هذا الدعاء يتكرر في القرآن كثيراً، هذا تعليم من الله لعباده أن يدعوه، وأن يتعبدوا له بهذا الاسم، وقد ذكر الشاطبي رحمه الله- في "الموافقات" توجيهاً حسناً لهذا المعنى.
لماذا الدعاء يكون باسم الرب --؟، يذكر أن ذلك جاء للتنبيه، والتعليم، من أجل أن يأتي العبد في دعائه بالاسم المقتضي للحال المدعو بها، وذلك أن الرب في اللغة -هذا كلام الشاطبي-: "هو القائم بما يصلح المربوب".
يقوم بما يصلح المربوب، فالإنسان إذا دعا ربه فهو يطلب ما يصلح شأنه، أيًّا كان هذا الأمر الذي يصلح شأنه، إن كان مريضاً يطلب العافية، وإن كان فقيراً يطلب الغنى، وإذا كان ضالا في أمر من الأمور يطلب الهداية، وهذا كله من معاني الرب، فيُدعى باسم الرب؛ لأن الإعطاء والمنع، والدفع، والنفع، وما إلى ذلك كله من معاني الربوبية.
فيقول الإنسان: يا رب، يا سيدي، ومالكي، وخالقي، والمنعم علي، والقائم على شئوني، والمربي لخلقه، أصلح قلبي، وعملي، وحالي، ونيتي، أصلح لي شأني كله، وارزقني، واجبرني.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- في هذا المعنى: "الرب هو المربي جميع عباده بالتدبير، وأصناف النعم، وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم، وأرواحهم، وأخلاقهم؛ ولهذا كثر دعاؤهم بهذا الاسم الجليل؛ لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة".
هذه تعليلات لكثرة ما جاء في القرآن من دعاء المسألة بهذا الاسم الكريم (الرب).
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم.