أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقـــــــــــــة التاسعة والأربعون في موضــــــــــــوع الـــــــــــــــــــوارث

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والأربعون في موضوع

(الوارث) وهي بعنوان : *خطبة جمعة (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ) (23 ) الحجر

وللموت حكم كثيرة؛ ومنها:

أولا :  في الموت يتجلَّى كمال قدرة الله الخالصة – سبحانه – وعظيم حكمته في تصريف أطوار الخلق؛ فهو الذي أنشأ هذا الإنسان من عدم، ثم أوجده طورًا بعد طور، وخلقًا بعد خلق؛ حتى صار بشرًا سويًّا يسمع ويبصر ويعقل، ويتكلم ويتحرك، ويسالم ويخاصم، ويتزاوج ويتناسل، ويعيش على أرض الله، وينال من رزق الله،ثم بعد ذلك كله يُمِيته الله – تعالى – فلا يأكل ولا يشرب، ولا يسمع ولا يبصر، ولا يعقل ولا يتحرَّك، فيزول بعد بقاء، ويفنَى بعد وجود، وكل ذلك بتصريف الله وقدرته، وبالغ حكمته في خلق الأمور المختلفة والأحوال المتضادة، قال الله تعالى -:﴿ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الواقعة: 86، 87].

ثانيا : أن الله تعالى خلق الموت والحياة ابتلاءً لعباده

واختبارًا لهم؛ ليعلم مَن يطيعه ممَّن يعصيه، قال الله تعالى :﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 2].

ثالثا : بالموت تصلُ النفس إلى اليقين، وتتعرَّف على حقيقتها؛ من حيث إنها مخلوقة للخالق – سبحانه – وأنها مخلوقة لغاية.

رابعا : لم يخلقِ اللهُ البشرَ في الدنيا على خِلْقة قابلة للدوام، بل جعلهم خلائف في الأرض، يخلف بعضهم بعضًا، فلو أبقاهم لفاتت المصلحة والحكمة في جعلهم خلائف؛ 

خامسا : في الموت نِعَم عظيمة لا تتأتَّى للناس إلا به، فلولا الموت لما هنأ لهم العيش، ولا طاب في هذه الأرض، ولا وَسِعتْهم الأرزاق، ولضاقت عليهم المساكن والمدن، والأسواق والطرقات.

سادسا : الموت يخلِّص المؤمن من نكد هذه الحياة

 التي حشيت بالغُصَص، وحُفَّت بالمكاره والآلام الباطنة والظاهرة، إلى نعيم لا ينفد، وقرَّة عين لا تنقطع، وسعادة لا تنتهي في ظلال وارفة، وبساتين مؤنقة، وجنات دائمة، مع خيرة الرفقاء، وأطيب الأصفياء”؛ 

وجاء في “تفسير ابن كثير”  عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – أنه قال:

“ما من مؤمنٍ إلا والموت خير له، وما من كافرٍ إلا والموت خير له، ومَن لم يصدِّقني؛ فإن الله تعالى يقول: ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 198]، ويقول الله تعالى : ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ

لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [آل عمران: 178]؛

وقد كان السَّلف الكِرام يُذكِّر أحدُهم أخاه بالموت وما بعدَه؛ حتى يتأهَّب لهذه اللَّحظة ولا يغفل عنها، فالموت خير واعظ.

وكان الفُضيل رحمه الله يقول: “كفى بالله محبًّا، وبالقُرآن مُؤنسًا، وبالموت واعظًا، وكفى بخشية الله عِلمًا، والاغترار بالله جهلاً”.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.