أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقـــــــــــــة الأربعـــــــــون في موضــــــــــــوع الـــــــــــــــــــوارث
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد : فهذه الحلقة الأربعون في موضوع (الوارث) وهي بعنوان :* {يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا }
وقال ابن عاشور : وجملة : { قال موسى لقومه }
واقعة جواباً لقول قومه { إنا إلى ربنا منقلبون } [ الأعراف : 125 ] إلى آخرها الذي أجابوا به عن وعيد فرعون ، فكان موسى معدوداً في المحاورة ، ولذلك نزل كلامه الذي خاطب به قومه منزلة جواب منه لفرعون ، لأنه في قوة التصريح بقلة الاكتراث بالوعيد ، وبدفع ذلك بالتوكل على الله .
والتوكل هو جُماع قوله : { استعينوا بالله واصبروا } وقد عبر عن ذلك بلفظ التوكل في قوله : { وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين } في سورة يونس ( 84 ) ، فإن حقيقة التوكل أنه طلب نصر الله وتأييده في الأمر الذي يُرغب حصوله ، وذلك داخل في الاستعانة
وهو يستلزم الصبر على الضر لاعتقاد أنه زائل بإذن الله .
وخاطب موسى قومه بذلك تطميناً لقلوبهم ، وتعليماً لهم بنصر الله إياهم لأنه علم لأنه بوحي الله إليه .
وجملة : { إن الأرض لله } تذييل وتعليل للأمر بالاستعانة بالله والصبر ، أي : افعلوا ذلك لأن حكم الظلم لا يدوم ، ولأجل هذا المعنى فصلت الجملة .
وقوله : { إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده } كناية عن ترقب زوال استعباد فرعون إياهم ، قصد منها صرف اليأس عن أنفسهم الناشىء عن مشاهدة قوة فرعون وسلطانه ، بأن الله الذي خوله ذلك السلطان قادر على نزعه منه لأن ملك الأرض كلها لله فهو الذي يقدر لمن يشاء ملك شيء منها وهو الذي يقدر نزعه .
فالمراد من الأرض هنا الدنيا لأنه أليق بالتذييل وأقوى في التعليل ، فهذا إيماء إلى أنهم خارجون من مصر وسيملكون أرضاً أخرى .
وجملة : { والعاقبة للمتقين } تذييل ، فيجوز أن تكون الواو اعتراضية ، أي : عاطفة على ما في قوله : { إن الأرض لله } من معنى التعليل ، فيكون هذا تعليلاً ثانياً للأمر بالاستعانة والصبر ، وبهذا الاعتبار أوثر العطف بالواو على فصل الجملة مع أن مقتضى التذييل أن تكون مفصولة .
والعاقبة حقيقتها نهاية أمر من الأمور وآخره ، كقوله تعالى : { فكان عاقبتهما أنهما في النار } [ الحشر : 17 ] ، وقد تقدم ذكرها عند قوله تعالى : { قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين } في أول سورة الأنعام ( 11 ) ، فإذا عُرفَت العاقبة باللام كان المراد منها انتهاء أمر الشيء بأحسن من أوله ولعل التعريف فيها من قبيل العلم بالغلبة . وذلك لأن كل أحد يود أن يكون آخرُ أحواله خيراً من أولها؛ لكراهة مفارقة الملائم ، أو للرغبة في زوال
المنافر ، فلذلك أطلقت العاقبة معرَفة على انتهاء
الحال بما يسر ويلائم ، كما قال تعالى : { والعاقبة للتقوى } [ طه : 132 ]. وفي حديث أبي سفيان قول هرقل : «وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة» فلا تطلق المعرفة على عاقبة السوء . فالمراد بالعاقبة هنا عاقبة أمورهم في الحياة الدنيا ليناسب قوله { إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده } وتشمل عاقبة الخير في الآخرة لأنها أهم ما يلاحظه المؤمنون . والمتقون : المؤمنون العاملون .
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.