أسمــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــــــــــه الحلقـــــــــــــة الثالثة والثلاثون في موضــــــــــــوع الـــــــــــــــــــوارث
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون في موضوع
(الوارث) وهي بعنوان :* {يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا }
الثالثة : قوله تعالى : من آل يعقوب قيل : هو يعقوب بن إسرائيل ، وكان زكريا متزوجا بأخت مريم بنت عمران ، ويرجع نسبها إلى يعقوب ؛ لأنها من ولد سليمان بن داود وهو من ولد يهوذا بن يعقوب ، وزكريا من ولد هارون أخي موسى ، وهارون وموسى من ولد لاوي بن يعقوب ، وكانت النبوة في سبط يعقوب بن إسحاق . وقيل : المعني بيعقوب هاهنا يعقوب بن ماثان أخو عمران بن ماثان أبي مريم أخوان من نسل سليمان بن داود - عليهما السلام - ؛ لأن يعقوب وعمران ابنا ماثان ، وبنو ماثان رؤساء بني إسرائيل ؛ قاله مقاتل وغيره . وقال الكلبي : وكان آل يعقوب أخواله ، وهو يعقوب بن ماثان ، وكان فيهم الملك ، وكان زكريا من ولد هارون بن عمران أخي موسى . وروى قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يرحم الله - تعالى - زكريا ما كان عليه من ورثته . ولم ينصرف يعقوب لأنه أعجمي .
الرابعة : قوله تعالى : واجعله رب رضيا أي مرضيا في أخلاقه وأفعاله . وقيل : راضيا بقضائك وقدرك . وقيل : رجلا صالحا ترضى عنه . وقال أبو صالح : نبيا كما جعلت أباه نبيا .
وقال ابن عاشور : ولذلك قال : { يرثني ويرث من آل يعقوب } فإن نُفوس الأنبياء لا تطمح إلا لمعالي الأمور ومصالح الدين وما سوى ذلك فهو تبع .
فقوله { يَرِثُني } يعني به وراثة ماله . ويؤيّده ما
أخرجه عبد الرزاق عن قتادة عن الحسن أن
النبيصلى الله عليه وسلم قال : " يرحم الله زكرياء ما كان عليه من وراثة ماله "
والظواهر تؤذن بأن الأنبياء كانوا يُورَثون ، قال تعالى : { وورث سليمان داوود } [ النمل : 16 ]. وأما قول النبيء صلى الله عليه وسلم " نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركْنَا صدقةٌ " فإنما يريد به رسول الله نفسَه ، كما حمله عليه عُمر في حديثه مع العبّاس وعليّ في «صحيح البخاري» إذ قال عمر : «يريد رسول الله بذلك نفسه» ، فيكون ذلك من خصوصيات محمد صلى الله عليه وسلم فإن كان ذلك حكماً سابقاً كان مراد زكرياء إرث آثار النبوءة خاصة من الكتب المقدّسة وتقاييده عليها
والموالي : العصبة وأقرب القرابة ، جمع مولى بمعنى الولي .
ومعنى : { من ورائي } من بعدي ، فإن الوراء يطلق ويراد به ما بعد الشيء ، كما قال النّابغة :
وليس وراء الله للمرء مطلب ... أي بعد الله . فمعنى
{ من ورائي } من بعد حياتي .
و { من ورائي } في موضع الصفة ل { الموالي } أو الحال .
وامرأة زكرياء اسمها أليصابات من نسل هارون أخي موسى فهي من سبط لاوي .
والعاقر : الأنثى التي لا تلد ، فهو وصف خاص بالمرأة ، ولذلك جرد من علامة التأنيث إذ لا لبس . ومصدره : العُقر بفتح العين وضمها مع سكون القاف . وأتى بفعل ( كان ) للدلالة على أن العقر متمكن منها وثابت لها فلذلك حرم من الولد منها .
ومعنى { مِنْ لَدنكَ } أنه من عند الله عندية خاصة ،
لأنّ المتكلّم يعلم أنّ كلّ شيء من عند الله بتقديره وخلقه الأسْباب ومسبباتها تبعاً لخلقها ، فلما قال { من لدنك } دلّ على أنه سأل ولياً غير جارٍ أمره على المعتاد من إيجاد الأولاد لانعدام الأسباب المعتادة ، فتكون هبته كرامة له .
ويتعلّق { لِي } و { مِن لَّدُنكَ } بفعل { هَبْ }. وإنما قدم { لِي } على { مِن لدُنكَ } لأنه الأهم في غرض الداعي ، وهو غرض خاص يقدم على الغرض العام .
و { يَرِثُني } قرأه الجمهور بالرفع على الصفة ل { وَلِيَّا }. وقرأه أبو عمرو ، والكسائي بالجزم على أنه جواب الدعاء في قوله { هَبْ لِي } لإرادة التسبب لأن أصل الأجوبة الثمانية أنها على تقدير فاء السببية . إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته.