أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الخامسة والعشرون بعد المـائة في موضـــــوع الغنــــــــي المغنــــــــي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
الخامسة والعشرون بعد المائة في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان: *( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) :
فالجزاء من جنس العمل ، وبين-صلى الله عليه وسلم – أنه لا يَفُكُّ ضائقة مسلم ، وأنه لا ييسر على معسر ، ولا يسهل على ذي حُزْن إلا سهل الله- تعالى- على من فعل ذلك ، وأن من فعل ذلك فقد أعان أخاه المسلم ، ومن أعان المسلم أعانه الله ؛ ففي صحيح مسلم (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-« مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ..)
فلا تجد ذا مال يعامل الناس باليسر إلا تيسرت أموره ، وفتح الله في وجهه أبواب الخير ، وجعله على السماحة واليسر ، ولا تضيق عليه تجارته ، ولا
تضيق عليه نفسه ، وفي الجانب المقابل : فالواجب على المديون أن يتقي الله في حقوق الناس ، وأن يتقي الله في نفسه فيرد إلى الناس حقوقهم ، ويؤديها
إليهم كاملة غير منقوصة ، وأن يؤديها إليهم بإحسان لا بإساءة ، وأن يؤديها إليهم شاكراً لمعروفهم ، ومن فعل ذلك فإنه تصيبه الرحمة من الله ،
وروى ابن حبان في صحيحه ، وابن ماجة في سننه (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-« رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى ».
هكذا دعا النبي- صلى الله عليه وسلم – بالرحمة لمن كان سمحاً إذا قضى بمعنى : أنه إذا أراد أن يسدد ديون الناس ؛ فإنه يكون على السماحة ،
فمن سماحة المدين : أن تسدد دينك قبل ميعاده ، وأن تشكر للدائن معروفه وإحسانه ، وإن كان عاجزا عن السداد ، اتصل به ، أو جاءه وقال لـه : إن عندي ظـروفاً ، أو عندي ضائقة ، أو أنا بحال صعب أريد منك أن تمهلني ، وأن تنظرني ، فعندها تطمئن الناس ، وتخرج عن ضيق الحرج ، ويرحم المسلم أخاه المسلم ، فمن السماحة فعل هذا كله ،
وأما إذا كان الأمر على خلاف ذلك ؛ فإن الله- تعالى- جعل جزاء الإحسان الإحسان ، ولم يجعل جزاء الإحسان الإساءة ، ومن قابل المعروف بالإساءة ؛ فقد كفر نعمة الله- تعالى- عليه ، واعتدى على حدود الله ،
وروى البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ –
صلى الله عليه وسلم – قَالَ« مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ »
ثم نأتي إلى الشق الثاني من الحديث ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم :« وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ » فقد قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: وَمَعْنَاهُ : (وَإِذَا أُحِيلَ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى مُوسِرٍ، فَلْيَحْتَلْ ) ، ولبيان معنى ذلك ، نورد هذا المثال : فإذا كان إنسان له حق على زيد، وقال له زيد: أنا أطلب عمرًا مقدار حقي. بمعني أن زيدا مطلوب ب 100 جنيه، وهو يطلب عمرًا ب 100 جنيه ، فقال: أنا أحيلك على عمرو في 100 جنيه.
فليس للطالب أن يقول: لا أقبل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: من أحيل على مليء، فليتبع، إلا إذا كان المحول عليه فقيرًا، أو مماطلًا، أو قريبًا للشخص لا يستطيع أن يرافعه عند الحاكم. وقد اختلف العلماء : هل هذا الحكم على سبيل الوجوب، أو أن هذا على سبيل الاستحباب؟ فذهب الحنابلة -رحمهم الله- إلى أن هذا على سبيل الوجوب، وأنه يجب على الطالب أن يتحول إن حول على إنسان مليء، وقال أكثر العلماء: إنه على سبيل الاستحباب؛ لأن الإنسان لا يلزمه أن يتحول، قد يقول: صاحب الأول أهون وأيسر، وأما الثاني فأهابه، وأخاف منه، وما أشبه ذلك. لكن لا شك أن الأفضل أن يتحول إلا لمانع شرعي. [الأنترنت – موقع خطب منبرية مكتوبة - خطبة عن حديث ( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .