أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الرابعة والعشرون بعد المـائة في موضـــــوع الغنــــــــي المغنــــــــي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة
الرابعة والعشرون بعد المائة في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله الحسنى
وصفاته وهي بعنوان: *( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) :
وفي مسند أحمد وغيره :(عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَىُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ ». قَالَ وَكِيعٌ عِرْضُهُ شِكَايَتُهُ وَعُقُوبَتُهُ حَبْسُهُ. فيحل (عرضه) أي: التظلم منه بقول: مطلني وظلمني،
وقال بعض العلماء في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (وعقوبته) سجنه حتى يؤدي”
وقال بعض العلماء : المماطل فاسق ترد شهادته، ففي الشرح الكبير: “
(مطل الغنى ظلم).. أي أن المطل من موانع الشهادة”.
وفي مواهب الجليل: “وإذا مطل الغني ردت شهادته عند سحنون؛ لأنه ظالم”
وقد بيّن الله-تبارك وتعالى- في مسألة قضاء الديون الحكم الشرعي ، فأنصف الناس ، وبين العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض ؛ فقال في كتابه المبين : { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } البقرة 178، ففي هذه الآية الكريمة بين الله-تبارك وتعالى- فيها أن الواجب على صاحب الدين ، أو من لـه حق أن يترفق ، وأن يحسن إلى أخيه المسلم، بأن يطالبه بالسداد بالمعروف ،وواجب أيضا على من عليه الحق أو الدين أن يؤديه ، وأن يرد الحقوق إلى أهلها على وجه الإحسان ، لا على وجه الإضرار والإساءة ، فلو أن الناس ساروا بهذه السيرة ، وانتهجوا هذا الطريق الشرعي الذي سنه الله-عز وجل- في كتابه المبين ، لاستقامت أمورهم في مسائل الحقوق وأدائها ،
فقوله-تعالى- : { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } أي : عفا أخوه عن القصاص ، فوجبت الدية أي دية المقتول ، { فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ } يعني : أن صاحب الدين يتبع المديون بالمعروف ، فإذا نظرت إلى مديون معسر فليس من المعروف أن تضيق عليه ، وليس من المعروف أن تجحف به ، وأن تلزمه أن يسدد وليس عنده شيء ؛ ولذلك قال-تعالى- في كتابه : { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } (280) البقرة، فالمعسر ليس بحوله ، ولا طَوْله ، وليس عنده الطَوْل والقُدْرة على السداد ، فينبغي أن يرفق به صاحب الدين فقال-تعالى- :{ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} فالواجب عليه أن يتبع بالمعروف لا بالإٍساءة وبالمنكر ،
ومن هنا إذا علم صاحب الدين أن المديون عنده ضائقة ، وأن ظروفه لا تساعده على السداد ، وأنه في حرج ، ترفق به ، ويسر عليه ، وهذا مـن أحب الأعمال إلى الله- تعالى – ، وأعظمها ثواباً أن يضع الإنسان عن المعسر ، أو يخفف عنه ، فمن فعل ذلك فقد ثقل ميزانه يوم القيامة بالحسنات ، فقد روى البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :
« كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ ، لَعَلَّ اللَّهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا . قَالَ فَلَقِىَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ »
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .