أسمــــــــــــاء الله الحسنـــــــــى وصفاتــــــه الحلقـــــــة الواحدة بعد المـائة في موضـــــــــــــوع الغنـــــــــــي المغنـــــــــــي
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فهذه الحلقة الواحدة بعد المائة في موضوع (الغني المغني) من اسماء الله
الحسنى وصفاته وهي بعنوان:*مفاهيم قرآنية (الغنى والفقر) في ضوء القران الكريم :
وتعلمنا السنة أن كثرة المال أو قلته ليست هي المقياس الذي يُحكم به على الشخص بأنه غني أو فقير, ففي الحديث الذي رواه الشيخان: "لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ".
وفي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ".
وكلا الحديثين يتناول الغنى والفقر بعيدًا عما تعارف عليه الناس من النظر إلى كثرة المال أو قلته, ويجعل المحك الحقيقي هو السمو بالنفس إلى معالي الأمور, والدفع بها عن دناياها. ومن هنا عاب الله تعالى على من ارتكن إلى كثرة ماله, وحسب أنه سبيل عزته وكرامته.يقول تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ. يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ. كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ..}(الهمزة:1-4).
وقال تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا. وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا. وَبَنِينَ شُهُودًا.
وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا. ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ.كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآَيَاتِنَا عَنِيدًا}(المدثر:11-16).
وقال سبحانه: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ. قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ. وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ}(سبأ:35-37).
إن الرضا بما قسم الله, والتطلع إلى ما لديه من ثواب في الآخرة هو الغنى
الحقيقي, أما التنافس على الدنيا والتطلع إلى تحصيل المزيد منها فهذا هو الفقر
بعينه, وإن جمع صاحبه من المال مثل ما جمع قارون.
يقول الإمام ابن القيم في كتابه: (طريق الهجرتين, وباب السعادتين): "الغنى قسمان: غنى سافل وغنى عال؛ فالغنى السافل الغنى بالعواري المستردة من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث, وهذا أضعف الغنى, فإنه غنى بظل زائل, وعارية ترجع عن قريب إلى أربابها, فإذا الفقر بأجمعه بعد ذهابها, وكأن الغنى بها كان حلمًا فانقضى, ولا همة أضعف من همة من رضي بهذا الغنى الذي هو ظل زائل, وهذا غنى أرباب الدنيا الذي فيه يتنافسون, وإياه يطلبون, وحوله يحومون.
والغنى العالي هو الغنى بالله تعالى, فإن الغني إنما يصير غنيًا بحصول ما يسد
فاقته, ويدفع حاجته, وفي القلب فاقة عظيمة وحاجة شديدة لا يسدها إلا فوزه بحصول الغنى الحميد, الذي إن حصل للعبد حصل له كل شيء, وإن فاته فاته كل شيء, فكما أنه سبحانه الغني على الحقيقة –ولا غني سواه- فالغني به هو الغني في الحقيقة, ولا غنى بغيره البتة" أ.ه بتصرف. وقال أيضًا: "إن في القلب فاقة لا يسدها إلا محبة الله والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له, ولو أُعطي الدنيا وما فيها, لم تسد تلك الفاقة أبدًا".[الأنترنت – موقع الجمعية الشرعية آيات ووقفات - مفاهيم قرآنية الغنى والفقر في ضوء القران الكريم ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .